أقل ما يمكن أن يقال للشخص الذي قام بسلوك عدواني متهور تجاه الممارِسة الصحية في «المجاردة» مؤخراً؛ أن عليه أن يتقبل غرامة المليون، ريال ينطح ريال غير مأسوف عليه. وأقل ما يمكن أن يقال في حق الممارسة الصحية، أن لا تثريب عليكِ، وعلى كل المثابرات أمثالك، ولك كل الحق في أن تطال عقوبة الغرامة المالية الرادعة بحق هذا المستهتر، ما ينتظره من عقوبة الحق العام. وأن كل من على شاكلته من أصحاب السلوك المنفلت تنتظرهم ذات العقوبة؛ جزاءً وردعاً لأمثالهم، حتى يدرك جميع من على هذه الشاكلة أن المجتمع بسلطته النظامية والقانونية ومنظومته القيمية تنخي الركاب للعاملين في الخدمة الصحية تثميناً لدورهم وجهدهم. فهؤلاء في كل زاوية ودهليز قد حملوا هموم المجتمع برمته على أكتافهم في أزمة «كورونا» الطاحنة وما شهدته من أحداث جسام سيرت تاريخ وجغرافية البشر إلى حيث تشاء وحيث تلقي بهم من مستجدات يومية غيرت معالم المدينة، وجعلت من فنادقها وأسواقها مغارات مهجورة لا ضوء لها في آخر أنفاقها إلا ببصيص من أمل يلوح به الأطباء وفريقهم المعالج على خطوط الجبهات الأمامية . وكان هذا الكادر يحارب بتضحية لا مثيل لها في تاريخنا الحاضر، فيباشرون المرض ويواجهون مخاطره وجهاً لوجه وهم على خط النار بصدور مفتوحة، بينما كنا ننعم نحن في ظلال العزل المنزلي ونمارس أعمالنا من خلف شاشات الكمبيوتر ووسائل التواصل الحاسوبية، مدججين بجميع أدوات النظافة والتعقيم قبل وبعد كل ملامسة يدوية أو مصافحة أو استخدام لأغراض الآخرين بتوجيه وتوصية من أولئك الأطباء الأبطال. لا يستحق من يتطاول على المجتمع والعاملين المخلصين الالتفات إليهم بشفاعة ولا بحسن ظن أو إعادة نظر.