في خطوة واعدة لاستكشاف إستراتيجيات تطوير صناعة أشباه الموصلات في المملكة العربية السعودية، نظمت كل من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وهيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار، المنتدى السعودي الأول لمستقبل أشباه الموصلات، والذي عقد في الرياض في الفترة من 30 إلى 31 مارس 2022، بمشاركة ممثلين عن وزارة الاستثمار وبرعاية من شركة أرامكو السعودية، ويوكوغاوا (Yokogawa)، وجيول (JEOL)، وتريسل تك (TRYSL TECH)، وكادينس (Cadence). وتلعب أشباه الموصلات دوراً كبيراً في تغيير عالمنا وتمكين تقنيات المستقبل المحورية في مجالات الطاقة وأجهزة الاستشعار وتقنيات المعلومات وغيرها. ولطالما كانت رقائق الدائرة المتكاملة (IC) في قلب الابتكارات التقنية، وكانت أشباه الموصلات العمود الفقري للثورتين الصناعيتين الثالثة والرابعة. إلا أن العالم، وعلى مدى العامين الماضيين، شهد نقصًا حادًا في رقائق أشباه الموصلات لعدة أسباب أهمها جائحة فايروس كورونا (كوفيد-19)، إضافة لارتفاع الطلب على هذه الرقائق نتيجة للتطور الشامل للصناعات التي تستخدم تقنية أشباه الموصلات. يتم تصنيع معظم رقائق أشباه الموصلات خارج المملكة العربية السعودية، خاصة في أمريكا الشمالية وأوروبا وشرق آسيا. وتعتمد معظم الشركات في العالم على هذه الرقائق لتلبية الطلب على منتجاتها. فعلى سبيل المثال، تواجه شركات صناعة السيارات عجزاً كبيراً في إنتاج سيارات جديدة نتيجة لشح إمدادات الرقائق الإلكترونية، خصوصاً أن الصناعة مقبلة بقوة نحو إنتاج السيارات الكهربائية والتي تحتاج كميات كبيرة من رقائق أشباه الموصلات أكثر من أي وقت مضى. كما ارتفع الطلب على أجهزة الحاسب الآلي المكتبية والمحمولة والأجهزة اللوحية والإلكترونيات بشكل كبير مع الارتفاع الهائل في عدد الأشخاص الذين يعملون عن بعد في ذروة جائحة فايروس كورونا، إضافة لظهور شبكات (5G) والتقنيات المرتبطة بها. وفي هذا السياق، يقول البروفيسور زاوهانق لي، الأستاذ المشارك في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسب الآلي في «كاوست»، وهو واحد من تسعة أعضاء هيئة تدريس في «كاوست» شاركوا في منتدى مستقبل أشباه الموصلات الافتتاحي: «لم تكن الحكومات في العالم نشطة خلال السنوات السابقة في الاستثمار في تصنيع وتطوير وأبحاث أشباه الموصلات. ونتيجة لذلك، ظل الإنتاج الصناعي راكدًا نسبيًا، بينما ارتفع الطلب على أشباه الموصلات بصورة مطَردة». وأضاف أن الجائحة سلطت الضوء على الحاجة الماسة لتأمين سلسلة توريد عالمية أفضل لأشباه الموصلات، وأن العديد من الدول، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، أدركت أن وجود سلسلة إمداد محلية أمر أساسي لاستقرار المؤسسات والوظائف والعمليات والأمن القومي. ويضيف البروفيسور لي: «يمكن للباحثين والمطورين المحليين في مجال أشباه الموصلات أن يلعبوا دورًا مهمًا للغاية في تنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية الحريصة على تطوير مشاريع في مجالات مهمة مثل الذكاء الاصطناعي (AI) وغيرها، والتي لا يمكن أن يكتب لها النجاح دون تقنية أشباه الموصلات المتقدمة، فبدون رقائق أشباه الموصلات، لا يوجد ذكاء اصطناعي». ولهذه الغاية، تم توقيت انطلاق هذا المنتدى بشكل مثالي للتركيز على خطة إستراتيجية وطنية لتأهيل الكوادر البشرية في مجال تصميم الرقائق الإلكترونية وتوطينها وهو ما يتماشى مع أهداف المؤسسات المشاركة والمتوافقة مع رؤية المملكة 2030. وتتوقع المملكة العديد من الفوائد من توطين الرقائق الإلكترونية والقدرات التقنية لأشباه الموصلات في قطاعات متنوعة، كالاقتصاد الرقمي وصناعة السيارات والتصنيع الدفاعي. ومن جانبه، قال الأستاذ المتميز البروفيسور دونال برادلي، نائب رئيس الجامعة للأبحاث: «بدأت «كاوست» مبادرتها لمستقبل أشباه الموصلات العام الماضي بهدف جمع مختلف أنشطتها البحثية والابتكارية الشاملة لأشباه الموصلات، والتي تغطي مجالات واسعة من تطوير المواد والعمليات وتقنيات التوصيف والتصنيع والأجهزة والأنظمة والتطبيقات المتعددة. ونحن سعداء بشراكتنا الفريدة مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في تطوير برنامج أشباه الموصلات السعودي، ودعم نمو الصناعات الجديدة والمتقدمة في المملكة».