أوضح ل«عكاظ» استشاري أمراض الجهاز التنفسي وأمراض واضطرابات النوم بمركز طب وبحوث النوم بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة الدكتور فارس فلاح الحجيلي، أن النوم يعد من أهم حاجات الإنسان، وبفقدانه أو باختلال توازنه تختل كثير من وظائف الجسد، إذ يرتبط النوم الصحي بشكل كبير بتوازن وصفاء الذهن، ويقظة وسلامة العقل والوظائف الحيوية، والإنسان البالغ يحتاج من 7 إلى 9 ساعات من النوم يوميًا. وبين أن عدد ساعات النوم تختلف من شخص لآخر، حسب المرحلة العمرية، فالأطفال يحتاجون إلى وقت أطول من النوم لتغطية احتياجات الجسم خلال مراحل النمو، وهناك اعتقاد سائد بأن النوم عبارة عن حالة من الخمول في وظائف الجسم العقلية والجسدية، والواقع الذي تم إثباته في كثير من الدراسات العلمية يخالف ذلك تماماً، حيث ثبت أن هناك كثيراً من الأنشطة المعقَّدة على مستوى المخ تحدث في وقت النوم، بل إن بعض الوظائف الحيوية تكون أكثر نشاطاً خلال النوم، كما أن بعض الوظائف تحدث خلال النوم فقط وتختفي تماماً في حالة الاستيقاظ. بعض هذه الوظائف تختص بإعادة بناء الأنسجة وإفراز بعض الهرمونات وغيرها من التغييرات. وتابع: بدأ الاهتمام بأمراض اضطرابات النوم لأهميتها على الصحة ولاكتشاف كثير من الأمراض التي لها آثار سلبية ومهمة على بقية أعضاء الجسم، وهناك اضطرابات للنوم تعد الأهم وهي: انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، والأرق، ومتلازمة تململ الساقين، والنوم القهري، وغيرها من الأمراض، فانقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم هي حالة منتشرة جداً، ويعاني المصابون بهذه الحالة من الشخير المزمن، وانقطاع التنفس أثناء النوم نتيجة ارتخاء عضلات الجزء العلوي من الجهاز التنفسي. ويمكن أن تتفاوت مدة توقف التنفس من عدة ثوان إلى ما قد يزيد على دقائق متواصلة، ولا يحصل الجسم في هذه الفترة على القدر الكافي من الأكسجين، وتتكرر هذه المشكلة مرات كثيرة أثناء النوم، مما ينتج عنه تأثيرات كثيرة في الجسم، ونتائج سلبية على القلب والدماغ، وارتفاع ضغط الدم. وأضاف: أما الأرق فيعد من أكثر اضطرابات النوم شيوعاً، ومن الصعوبة أن نجد إنساناً لم يمر بتجربة الأرق في يوم من الأيام خلال فترة حياته، وتتعدد أنواع وأسباب الأرق، ويجب على المريض استشارة طبيبه للوصول إلى السبب الرئيسي للأرق، وكيفية الوقاية والعلاج منه، ويشمل الأرق أي مشكلة تتعلق بالشروع في النوم أو القدرة على الاستمرار فيه، أو الاستيقاظ مبكراً أكثر مما ينبغي في الصباح، وقد يسبب الأرق كثيراً من المشكلات، إذا كان من النوع المزمن، وهناك أيضًا مشكلة متلازمة تململ الساقين وهي عبارة عن الشعور بعدم الراحة في الساقين، وغالباً ما يحدث ذلك ليلاً، وقد يكون سبب عدم الشعور بالراحة الإحساس بالتنميل، ولا يتحسن عادة إلا بتحريك الساقين، وقد تؤدي هذه المتلازمة إلى الأرق والشعور بالنعاس أثناء النهار، ويحتاج المريض الذي يعاني من هذه المشكلة إلى استشارة طبيبه للتشخيص ومعرفة الأسباب وطرق العلاج. واستدرك «الحجيلي»، أن من مشكلات اضطرابات النوم ما يعرف بالنوم القهري وهو ما يسمى أيضاً بالخدر المفاجئ، ويعاني المصابون بهذا المرض من النعاس المفرط خلال ساعات النهار، والشعور المفاجئ بالنوم، حيث يعاني المصابون من صعوبة في الاستيقاظ لفترات طويلة، مما يسبب اضطرابات في الروتين اليومي، ومن الأعراض المصاحبة لهذا الاضطراب ضعف مفاجئ في العضلات مصحوب بالوعي الكامل، ويتمحور هذا المرض حول عدم قدرة الدماغ على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ بشكل طبيعي، والانتقال بينها بشكل طبيعي، وأحد أهم أسبابه وجود نقص في انبثاقات الأعصاب المفرِزة لمادة الأوريكسين (وتعد مادة الأوريكسين أحد النواقل العصبية المهمة التي تفرز من مركز في المخ يعرف بالمركز تحت المهادي، مقارنة بالأصحاء الذين لا يُعانون من المرض)، وهذا المرض يحتاج إلى تشخيص دقيق ومجموعة فحوصات واختبارات للنوم في المراكز المتخصصة. ونصح الدكتور الحجيلي جميع أفراد المجتمع بالنوم الصحي، وتجنب السهر، وإعطاء الجسد كفايته من النوم والراحة، حتى تكون دورة إفراز الهرمونات الحيوية وأهمها الميلاتونين تعمل بشكل صحيح وصحي، مع تجنب كل العادات والسلوكيات الاجتماعية الخاطئة التي تؤثر على النوم.