كشفت مصادر موثوقة أن وزير المالية السوداني السابق إبراهيم البدوي وضع شروطا لخلافة رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، الذي تقدم باستقالته (الأحد). وأفادت المصادر بأن شروط البدوي تتضمن تحقيق توافق وطني بين كل المكونات السياسية، وأن تشكل كتلة شباب الثورة ضلعا أساسيا من التوافق الوطني. وقالت المصادر إنه لن يستلم مقاليد سلطة مختلف عليها بين مكونات الشعب السوداني. وأفصحت تقارير سودانية محلية عن اتصال مجلس السيادة الانتقالي الحاكم وكل من وزير المالية السابق إبراهيم البدوي، وعضو هيئة التدريس بكلية الهندسة بجامعة الخرطوم مضوي إبراهيم، لتولي أي منهما منصب رئيس الوزراء الجديد، وهو ما نفاه الأخير، كاشفا أنه تم الاتصال به من قبل مجلس السيادة بعد أحداث 25 أكتوبر الماضي لتولي منصب رئيس الوزراء، إلا أنه رفض. وأربكت استقالة حمدوك المشهد السياسي والقانوني في البلاد، وتباينت ردود الفعل على الاستقالة رغم أنها لم تكن مفاجئة، فبينما رجح مراقبون أن تقود إلى مزيد من تأزيم الأوضاع وإدخال السودان في مفترق طرق، اعتبرها آخرون أنها لن تغير شيئا من الموقف الراهن في البلاد. واعتبر تجمع المهنيين أن الاستقالة أو عدمها لا تقدم أو تؤخر شيئا في طريق الثورة، لافتا إلى أن السلطة الحقيقية بيد المجلس العسكري. إلا أن الحزب الجمهوري في الحرية والتغيير حذر من أن استقالة حمدوك تنذر بمستقبل غير محمود العواقب. ورأى أن التشرذم السياسي الذي دفع رئيس الحكومة للاستقالة سيتسارع، مدخلا البلاد في نفق مجهول. من جهته، اعتبر حاكم إقليم دارفور رئيس جيش حركة تحرير السودان مني أركو مناوي، أن الاستقالة واحدة من تجليات الأزمة السياسية والاجتماعية المتراكمة التي لم تفهمها القوى السياسية التي ورثت البلاد في زمن غفلة أغلب الشعب. وأضاف في تغريدة أمس (الإثنين) أن المشوار ما زال طويلا وأن لا بديل للحوار والاعتراف بالبعض. ووصف رئيس حركة العدل والمساواة وزير المالية جبريل إبراهيم خطوة حمدوك بالمؤسفة، معتبرا أنها محنة. ودعا القوى السياسية إلى لمّ الشمل للعبور إلى بر الأمان. ودعت الولاياتالمتحدة القادة السودانيين إلى ضمان استمرار الحكم المدني وتعيين رئيس للوزراء تماشيا مع أحكام الوثيقة الدستورية. وجدد مكتب الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية في تغريدة على تويتر أمس، التأكيد على دعم الشعب السوداني، داعيا قادة البلاد إلى تنحية الخلافات جانبا، والتوصل إلى توافق، وضمان استمرار الحكم المدني. وكان حمدوك أعلن استقالته ليل (الأحد) بعد أكثر من شهر على توقيع اتفاق سياسي مع قائد الجيش عبدالفتاح البرهان في 21 نوفمبر. وقال في خطاب للأمة «حاولت بقدر استطاعتي أن أجنب بلادنا خطر الانزلاق نحو الكارثة»، محذرا من أن السودان يمر بمنعطف خطير قد يهدد بقاءه في ظل هذا الشتات داخل القوى السياسية والصراعات العدمية بين كل مكونات الانتقال، وقال: «رغم ما بذلت كي يحدث التوافق لكن ذلك لم يحدث».