نحن بشر ولن نصل درجة الكمال ما حيينا، نُخطئ ونُصحح، نُذنب ونتوب، نرتكب ما لا نرغب ونندم، هكذا هي تضاريس الحياة، لكن الإنسان بطبعه وفطرته يبحث عن الهدوء في كل شيء، لا أحد يرغب في الضجيج ووخزات اللا مرغوب، فذلك تعطيل حقيقي لدور الإنسان وإبداعه، ما يجعله أقل فاعلية مقابل بالإمكانات التي يمتلكها، لذا كل إنسان هو جزء من حياة الآخر، وإن لم يكُن هناك رابط بين هذا وذاك، وبالتالي من الصعب الانعزال التام عن وسط الحياة الذي نعيش فيه، ذلك الوسط المكتظ بالعقول المتباينة والأفكار المختلفة والطباع المتنوعة، وهذا التفاوت أمر طبيعي، ولكن الأمر الذي يصل حد القلق النمو العكسي للعقول والذي أصبح لالفتاً للنظر، فالبعض عجز عن الوصول للنضج أو الفكري أو أنه يسير ببطء نحو ذلك لأنه أثقل تفكيره وسيطر على سلوكياته بالسطحية فأصبح رقماً إضافياً يضاف إلى الأعداد المهولة من البشر على سطح الأرض، ومثل هذا لا يُضيف لك شيئاً بل قد يسلب منك وقتك ويُهدر صفاء ذهنك، ومع تزايد هذه العينات البشرية كاد لسان واقع الحياة أن ينطق «مللنا السطحية يا سادة». نعم مللنا السطحية، مللنا تلك العقول الهشة التي لا تأتي بجديد ولا تُجيد طرحاً، ولا تبني فكراً ولا تُقيّم سلوكاً، فكم تقع عينك ولو بالصدفة في مواقع التواصل على تغريدة أو نصاً لا تعرف له أول من آخر، وقد اختلطت به المفاهيم وتناقضت، ثم ذُيل باسم صاحبه وتحته تعريفاً برَّاقاً يفوق في عدد كلمات نصف كلمات النص. أخيراً.. مللنا كل مستجد لا جدوى منه سوى العبث بذائقة المتلقي في كافة المجالات، لكننا لن نرضخ لأولئك السُذج، فعقولنا لها حق علينا أن نحترمها بردع أولئك بالكلمة حين يكون التفنيد لما يزعمون من وهم واجباً علينا، وبالتجاهل حين نرى أن المقام لا يحتمل عقولا بشرية سطحية تستنزف أوقاتنا.