•• كنت في مهمة عمل بمدينة الشروق على شاطئ الغروب «الخبر».. استقطعت جزءا لا بأس به لزيارات أحبتي في المنطقة الشرقية.. لمست في تلك اللقاءات وقعاً خاصاً في أعماق أولئك بعاطفتهم الجياشة الصادقة.. تذكرت جملة احتفينا بها صغاراً «جبر الخواطر على الله» حين كنا نسمعها من آبائنا وأجدادنا ورجال «الحارة» ونسائها.. لنأوي إلى بيوتنا مستريحين «24 قيراطا» وكأننا نعيش نشوة الهُمام. •• ذكرتني رحلة الشرق من الغرب بزمن الطيبين رفقاء «ظل البياض».. رجال كانت أرواحهم رهيفة وقلوبهم مدينة.. تداولوا «تطييب الخواطر» مثل سحابة بيضاء يُنتَظر مدرارها بمداد الغيث.. يحملون داخل «بُقَشِهم» توقاً لرضا إنسان وكأنهم يحملون عاطفة أمّ؛ يقضون حاجة ويزيلون انكساراً ويواسون في مصيبة، ثم يرسلون ابتسامة تشق عين الصباح.. خلطة كثيفة من الإنسانية نعجز عن وصفها تركض صوب القلوب المنكسرة. •• كلما سرنا فوق رمال «جبر الخواطر» الناعمة؛ ابتلعتنا أبيار الإنسانية بهدوء دون صخب.. وكلما اعتدنا النوم في حضن التهذيب؛ ترسَّخت لدينا مقولة «السائر جابراً للخواطر أدركه الله في جوف المخاطر».. وكلما ساد بيننا العطف والتآلف والحنان؛ زرعنا الأمل برائحة الأمان.. وكلما أحببنا محاكاة الأُنُس الاجتماعي في صمت؛ صنعنا مخزوناً من الأحاسيس الإنسانية.. بذلك نتحول إلى «قوس قزح» بألوان من السعادة. •• الجابرون للخواطر لا تعرف قلوبهم الحقد، ولن تترسب في دواخلهم ذرة من كبر.. والقاضون حوائج الناس لا تجف دماء مشاعر قلوبهم الطيبة، ولا تنْفَض سيرهم من أذهان الناس.. ومن يبتكر في فنون «تعطير النفوس» يتسم بالمتعة والمسرة واللذة.. إذن هناك علاقة وثيقة وطيدة بين القيمة الإنسانية والنفوس الطاهرة.. أولئك هم المبدعون في نسج خيوط «فن الخواطر» والعزف على أوتار قيثارته.