تعدد الحِكم في سورة الكهف ونتذكر «قوارب النجاة» حين نقرأها يوم الجمعة أو في غيره من الأيام.. في وسط السورة يظهر إبليس هو المحرك الأساس للفتن (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلاً). وثمة أربعة قوارب للنجاة في هذه السورة: الصحبة الصالحة، معرفة حقيقة الدنيا، التواضع، والإخلاص.. ويمكن الحديث عنها بإيجاز على النحو التالي: أولاً: قارب نجاة «الصحبة الصالحة» في قصة أصحاب الكهف، وهم شباب مؤمن عاش في بلدة كافرة، فعزموا على الهجرة للفرار بدينهم بعد مواجهة بينهم وبين قومهم، كافأهم الله برحمة الكهف ورعاية الشمس، استيقظوا فوجدوا القرية مؤمنة بكاملها. ثانياً: قارب نجاة «معرفة حقيقة الدنيا» في قصة صاحب الجنتين المتمثلة في فتنة المال والولد لرجل أنعم الله عليه فنسي وأهان النعمة، فطغى وتجرأ على ثوابت الإيمان بالطعن والشك، ولم يحسن شكر النعمة رغم تذكرة صاحبه، فكان هلاك الزرع والثمر، والندم حين لا ينفع الندم! ثالثاً: قارب نجاة «التواضع» في قصة موسى والخضر، فعندما سئل موسى من أعلم أهل الأرض فقال أنا، فأوحى الله إليه أن هناك من هو أعلم منه، فسافر إليه موسى ليتعلم منه، فالحكمة الإلهية قد تغيب أحياناً عن الإنسان ولكن مدبرها حكيم، كما جاء في قصة السفينة بالسورة. رابعاً: قارب نجاة «الإخلاص» في قصة ذي القرنين، فتنة السلطة، وتتمثل في قصة الملك العظيم الذي جمع بين العلم والقوة وطاف الأرض يساعد الناس وينشر الخير في ربوعها، تغلب على مشكلة يأجوج ومأجوج ببناء السد واستطاع توظيف طاقات قوم لا يكادون يفقهون قولا! فهل عرفتم سر قراءة سورة الكهف يوم الجمعة، ودورها في الوقاية من فتن الدنيا، وفي العصمة من المسيح الدجال؟.. قال الإمام الشافعي رحمه الله: «أشد الأعمال ثلاثة: الجود من قلة، والورع في خلوة، وكلمة الحق عند من يرجى ويخاف». جعلنا الله العلي القدير من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأن يجعل خير أيامنا خواتيمها، ويرزقنا حسن الخاتمة، وينعم علينا برضاه، والفردوس الأعلى بصحبة خير الأنام سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام.