15 أغسطس هو تاريخ مفصلي يعتقد أنه يمثل نهاية الحرب التي دامت 20 عاما، كما زعمت الإدارة الأمريكية؛ وعادت حركة طالبان التي كانت تتمنى بعد سيطرتها على أفغانستان أن تسير الأمور كما تحلم وتعتقد. الآن أعداء الأمس ظلوا بل استمروا أعداء اليوم وبشدة، حيث صعد تنظيم «داعش خراسان»، العدو اللدود لطالبان سلسلة الهجمات بالقنابل في شرق أفغانستان، وقامت بتفجير في أحد المساجد في كابول أمس الأول. وبحسب مصادر أفغانية فإن داعش خراسان أعاد تموضعه بقوة في ولاية ننجرهار حيث تحظى داعش خراسان بتواجد ملحوظ، وشهدت سلسلة من التفجيرات التي استهدفت مركبات طالبان أخيراً، ما أدى لمقتل ثمانية أشخاص، من بينهم عدد غير معروف من جنود طالبان والمدنيين الأفغان. وتعتبر حملة داعش خراسان الإرهابية ضد طالبان، التي تسيطر بشكل تام على كل أفغانستان لأول مرة في تاريخها، مثيرة للمخاوف من عودة أفغانستان إلى سيرتها الأولى من المواجهة الإرهابية، ويضم تنظيم داعش خراسان الكثير من المسلحين من الأعضاء السابقين في طالبان الذين اجتذبتهم الطموحات العالمية لداعش، كما يضم الكثير من الباكستانيين والأزبك والبشتون الذين ينتمون لحركة طالبان باكستان. وربما عرف تنظيم داعش خراسان بهجومه الانتحاري في محيط مطار حامد كرازاي الدولي أثناء عملية إجلاء الولاياتالمتحدة لقواتها، ما أدى لمقتل 12 جنديا أمريكيا وأكثر من 90 من الأفغان بينهم نساء وأطفال، وإصابة أكثر من 150 شخصاً. وفرضت هجمات داعش خراسان الإرهابية العلنية ضغطا متزايدا على طالبان لكي ترد بقوة لاحتوائها. كما أن قدرة طالبان على قمع النشاط الإرهابي المكثف تعتبر أيضاً اختباراً كبيرا لحكم طالبان المبكر وقدرتها على إدارة الوضع الأمني، حيث إن إحدى النقاط التي روجت لها الحركة هي فكرة أن سيطرتها على السلطة في أفغانستان تمثل نهاية الصراع الدائر منذ 40 عاما وعودة للسلام، خصوصا أن طالبان تواجه مهمة لا تحسد عليها تتمثل في إعادة بناء أفغانستان بعد الحرب التي استمرت طوال أربعة عقود، ومنع حدوث أزمة اقتصادية، وتجنب وقوع مجاعة، والتعامل مع النظام الصحي المهلهل في البلاد وسط تفش جديد لفايروس كورونا. وما يزيد الطين بلة، قيام معظم النخبة المتعلمة بالفرار منها ما يحرم طالبان من رأسمال بشري مهم. ورغم استمرار بقاء بعض منظمات المساعدات الدولية في البلاد، غادر الكثير من المنظمات الأخرى، ما يحرم اقتصاد البلاد من أموال المساعدات. وتراجع داعش خراسان في 2018 دعا زعيم حركة طالبان السابق، أختر محمد منصور، مقاتلي تنظيم داعش للانضمام لطالبان، وهو ما جوبه بالرفض؛ ما أدى إلى قيام الحركة بهجمات ضد التنظيم في مقاطعة جوزجان وولاية ننجرهار منذ عام 2017، وشاركت في هذه الحرب القوات الأمريكية والحكومة الأفغانية، وهو ما كبد داعش خسائر فادحة، واستسلم المئات من عناصر التنظيم في عام 2018، وذلك عقب تعرُضه إلى هزائم كبرى نتيجة ضربات من التحالف بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتشير التقديرات إلى خسارة التنظيم في الفترة الممتدة من عام 2015، وحتى 2018 نحو 12 ألف عنصر. ونفذ داعش هجمات دموية في 2020، وعيّن التنظيم شهاب المهاجر، أميراً جديداً، في عام 2020 بعد القبض على سلفه، أسلم فاروقي. ويشير البعض إلى أن الأمير الجديد انتمى إلى شبكة حقاني في السابق.