سطر السعوديون إنجازاً استثنائياً بحصولهم على المركز الثاني عالمياً في مؤشر الأمن السيبراني التابع للاتحاد الدولي للاتصالات، متجاوزين دولاً كانت لها الريادة والتميز في هذا المجال الحيوي. ففي عام 2012 كان معظم خبراء الأمن السيبراني وشركات الأمن السيبراني يستشهدون بالهجوم السيبراني على شركة أرامكو بوقوعها كضحية لأكبر هجوم سيبراني بتدمير أكثر من 30 ألف جهاز وفقدان معلومات كبيرة في هذا الهجوم. لكن لم يعلموا أن السعوديين كانوا يتعلمون كثيراً من هذه الهجمات السيبرانية ومن حقبة شامون التي استهدفتهم بشكل مباشر منذ عام 2012 إلى 2017. وفي ذات العام بدأت حقبة جديدة وتحول جذري في التعاطي مع هذا التهديد الذي يستهدف القطاعات الحيوية والبنوك والخدمات المهمة في المملكة، بصدور الإرادة الملكية بإنشاء هيئة باسم الهيئة الوطنية للأمن السيبراني وارتباطها بخادم الحرمين الشريفين والموافقة على تنظيمها. جاء مؤشر الأمن السيبراني الدولي Global Cyber Security Index GCI بمحاوره الخمسة: التقني، والقانوني، والتنظيمي، وبناء القدرات، والتعاون ليؤكد أن الهيئة استطاعت وبجدارة وتفوق توحيد الجهود في مجال الأمن السيبراني لتحقيق الهدف الإستراتيجي وهو نحو فضاء سعودي سيبراني آمن وموثوق. وحققت المملكة هذا الإنجاز الاستثنائي بحصولها على المرتبة الثانية عالمياً بالتساوي مع المملكة المتحدة بجمعهما 99.5 درجة بعد الولاياتالمتحدة التي حصلت على المرتبة الأولى ب100 درجة. وجاءت أستونيا في المرتبة الثالثة ب99.4 درجة، فيما حلت كوريا الجنوبية وسنغافورة وإسبانيا في المرتبة الرابعة بالحصول على 89.5 درجة. وتشاركت 3 دول بالمركز الخامس وهي الإمارات العربية المتحدة وماليزيا وروسيا بالحصول على 98.6 درجة. لم تنته قصة NCA مع الإنجازات بل هي البداية للانطلاق نحو العالمية بتحويلها الرياض إلى عاصمة لأكبر مبادرتين عالميتين في مجال الأمن السيبراني اللتين تبناهما مهندس رؤية 2030 سمو ولي العهد، وتتضمنان تمكين المرأة في مجال الأمن السيبراني وحماية الأطفال من التنمر السيبراني. الحقيقة أن حروب الفضاء السيبراني في ذروتها وستكون بديلاً للقوة الصلبة، حيث ذكر الرئيس الأمريكي بايدن أنه سيناقش مع الرئيس الروسي قضية الأمن السيبراني في قمة جنيف التي انعقدت قبل أسابيع. وبالرغم من الحروب السيبرانية الشرسة المدعومة من الدول تؤكد الهيئة على الصعيد المحلي والدولي قدرتها على السير نحو فضاء سعودي سيبراني آمن وموثوق لتكون قادرة على احتضان واستمرارية مبادرة طريق مكة، وتسهم في تحقيق نهضة تقنية تخدم مستقبل الاقتصاد الوطني. ومن المؤكد أن هذا الإنجاز العالمي والتقدم السريع في المملكة سوف يزيد عدد محاولات الهجوم السيبراني على المملكة وستظل هدفاً رئيسياً للقراصنة السيبرانيين، والصمود السعودي قادر بإذن الله على الاستمرارية والريادة بالقفز من المرتبة 46 عالمياً إلى المرتبة الثانية عالمياً في خلال 48 شهراً.