منذ قرابة العام، فقد الاستثمار المحلي والعربي والعالمي رجل الأعمال صالح كامل -رحمه الله- الذي أدركته الوفاة أثناء أداء الصلاة في العشر الأواخر من شهر رمضان الماضي، لتظل سيرته العطرة تفيض بصفات إنسان معطاء، ورجل بر وإحسان، كانت من آخر عباراته لابن أخته المعني بتدقيق مبالغ الزكاة السنوية «إذا أردتَ أن يحاسبك فحاسبه». لا ريب أن شخصية الشيخ صالح اكتسبت قدراتها ومؤهلاتها من أسرة علم وثقافة، تعتني باللقمة الحلال، فرسمت مسار حياته، ورسّخت فيه الورع وحسن الظن بالآخرين ومنح الثقة، وعدم الاستعجال في الاستغناء عن أي إنسان يعمل ضمن منظومته، وتبنى مبدأ ما ينمو ببطء يدوم طويلاً. مارس التجارة في سن مبكرة، واهتم بالإعلام في المرحلتين المتوسطة والثانوية، وأسهم في تحرير وإنتاج المجلات المدرسية، والعمل على بيعها، واعتنى مبكراً بريادة الأعمال، فأنشأ مطبعة صغيرة لنسخ المذكرات وبيعها، واستمر في عمله حتى تخرّج، والتحق بالعمل الحكومي. بدأ حياته العملية بمهنة (الطوافة)، ثم انخرط في العمل الحكومي، ثم تفرّغ للعمل كمراجع حكومي يُطلق عليه (معقّب)، وعمل بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية بإدارة رعاية الشباب، ثم بوزارة المالية، وافتتح مطعماً في الرياض باسم (مطبخ الملز الشرقي)، بالتعاون مع الطبّاخ الماهر الذي كان يعمل بمنزل عائلته، وأصبح يوازن بين عمله موظفاً حكومياً، ليخرج من العمل الحكومي إثر 10 أعوام من الكفاح والاجتهاد. واستمع لنصيحة من الشيخ الشعراوي عن المرابحة الشرعية، فانطلق مع الفكر الاستثماري عبر مصرفية إسلامية، واتفق مع أحد البنوك على تمويله والعمل وفق قاعدة (المضاربة) فأطلق مشروع (البريد الطواف)، مستثمراً كل مدخراته من مشروعاته السابقة، التي بلغت حوالي 300 ألف ريال، واشترى نحو 30 سيارة لتوزيع البريد ما أسهم في نجاح المشروع الذي استمر 15 عاماً. ثم أقام شركة مجموعة دلة البركة عام 1982، التي تنوعت مجالات أنشطتها في الاستثمار الإعلامي، السياحي، العقاري، والتعاملات البنكية؛ منها البركة للاستثمار والتنمية، مجموعة البركة المصرفية، مجموعة التوفيق المالية، عسير، الشركة الإعلامية العربية، راديو وتلفزيون العرب (ART)، شركة مجموعة دلة، شركة دلة للتنمية العقارية والسياحية، شركة درة العروس.