مثل كثيرين آخرين كنت دائماً مفتوناً بتاريخ وثقافة القدماء المصريين، ولذلك فرصة العمل على فيلم أسرار مقابر سقارة كانت مميزة. وزاد شغفي وانبهاري عندما بدأت رحلة البحث والتحضير للفيلم الوثائقي أسرار مقابر سقارة، لتكون المفاجأة في الكم الهائل من المعلومات التي لا نزال نجهلها عن هذه الحضارة العظيمة. لا شيء يفوق شعور أن يوجد فريق التصوير في المكان والوقت المناسب لتسجيل اللحظات الأولى من اكتشاف مقبرة واح-تي التي يبلغ عمرها 4.500 عام في موقع سقارة الأثري في مصر، وتوثيق تلك الرحلة التاريخية المثيرة. منذ البداية، كان اتخاذ القرار لتصوير هذا الفيلم الوثائقي في حد ذاته هو مخاطرة كبيرة لكل شخص يشارك في هذا العمل، والتي تحولت إلى تجربة ومغامرة تاريخية ملحمية وتجاوزت جميع توقعاتنا. ولا نستطيع أن ننكر أننا كنا محظوظين منذ بداية رحلة تصوير الفيلم حتى نهايتها. خاصة أنه في علم الآثار، اعتدنا على العمل الشاق لأسابيع طويلة قبل العثور على أي شيء، واحتمالية انتهاء العمل بلا أي اكتشاف هو أمر وارد بشكل كبير. ولكن في هذه المهمة الأثرية، كان هناك اكتشاف جديد ومذهل يظهر لنا 30 ثانية تقريباً دون أدنى مبالغة. وقد كنا محظوظين أن نلتقط ونوثق تلك اللحظات التاريخية الهامة ومشاركتها مع العالم. الفيلم الوثائقي أسرار مقابر سقارة.. أحفاد الفراعنة يلهمون العالم وقد أصبحت هذه الرحلة مجزية للغاية بعد أن انضم إليها الكثيرون من مشتركي نتفليكس، ففي الأسابيع الأربعة الأولى، اختارت 22 مليون أسرة في جميع أنحاء العالم مشاهدة أسرار مقابر سقارة. والفيلم الآن يعد من أكثر 5 أفلام وثائقية مشاهدةً في تاريخ نتفليكس. نحن ممتنون لأحفاد الفراعنة الذين اكتشفوا المملكة القديمة لأول مرة، وممتنون أيضاً لمن تعرفوا على أشياء جديدة من خلال هذا الفيلم. نافذة جديدة على عالم القدماء المصريين ينقل الفيلم الوثائقي «أسرار مقابر سقارة» الجمهور عبر آلاف السنين من الماضي، ويقدم نافذة فريدة وغير مسبوقة على حياة - ووفاة - رجل واحد وعائلته ألا وهو واح-تي صاحب المقبرة الغامضة المليئة بالألغاز منذ أكثر من 4400 عام . خلال رحلة التصوير، تمكنا من اكتشاف المقبرة القديمة الأوسع، حيث دفن قدماء المصريين موتاهم على مدى سنوات، وكان هذا من خلال اكتشاف جبانات مليئة بالحيوانات المحنطة، والمومياوات البشرية التي لا تزال داخل التوابيت بالنقوش والألوان الزاهية كما لو كانت جديدة، كما عثرنا على العديد من القطع الأثرية الجنائزية بما في ذلك مجموعة نادرة كاملة من إحدى الألعاب الفرعونية (المعروفة باسم سينيت)، وهي نوع من الألعاب اللوحية القديمة التي مارسها قدماء المصريين، بالإضافة إلى اكتشافنا إلى أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أثرية نادرة من الممالك القديمة والحديثة والمتأخرة. نصطحب من خلاله المشاهدين في رحلة بصرية ممتعة عبر العديد من العصور في تاريخ مصر القديم. اكتشاف أول مومياء لشبل أسد محنط على الإطلاق من أروع اللحظات التي مررت بها شخصياً، هي تسجيل اكتشاف أول مومياء لشبل أسد محنط على الإطلاق - والذي تصدر عناوين الصحف في جميع أنحاء العالم. ومشاهدتها وهي تخرج من باطن الأرض من عمق حوالي 11 متراً مغطاة بالرمال، فهذه التجربة هي تجربة غير قابلة للنسيان، وكما قالت الدكتورة سليمة إكرام، أستاذ علم المصريات بالجامعة الأمريكية في القاهرة، «إن هذا الاكتشاف يحدث مرة واحدة في العمر، ويسهم في تغيير طريقة تفكيرنا في التاريخ الفرعوني، والثقافة، والاقتصاد والممارسات الدينية لمصر القديمة». الكشف عن مرض قديم كما وجدنا داخل مقبرة رئيس الكهنة وعائلته، العظام المتمددة لعائلة كاملة بما فيها الأطفال الصغار ويعد هذا اكتشافاً آخر جديداً، مما يشير إلى احتمالية أن تكون العائلة بأكملها قد ماتت من وباء، على الأرجح الملاريا. إذا أمكن إثبات هذه النظرية، ستكون هذه أول حالة موثقة للملاريا منذ أكثر من ألف عام، وفقاً للدكتورة أميرة شاهين أستاذ أمراض الروماتيزم بكلية طب جامعة القاهرة. استكشاف أسرار الفريق الذي يعمل على التنقيب ومن بين الأشياء الرائعة التي حدثت أثناء العمل على هذا الفيلم هو فرصة التعرف عن قرب على الفريق الذي عمل على هذا المشروع بأكمله، وإبراز مهارة وتفاني الفريق المصري الموهوب، بقيادة عالم المصريات الدكتور محمد محمد يوسف، والدكتور صبري محي الدين فرج ورواية قصصهم، و الأدوار التي يلعبونها في هذا الاكتشاف العظيم، بداية من مدير الحفريات إلى عالمة الأنثروبولوجيا التي تعمل على إعادة تجميع الهياكل العظمية، وصولاً إلى رئيس عمال الحفر والتنقيب. كنز تحت الرمال نقب عنه فريق مصري فقد جمع هذا الفريق أسرار أهم الاكتشافات التي حدثت في مصر بينما يصطحبون الجمهور في رحلة عاطفية ووجدانية، أثناء التنقيب عن قصص أسلافهم من قدماء المصريين. وكان من المهم بالنسبة لنا أن يروي المصريون قصصهم أمام الكاميرا وأن يتحدثوا عنها بلغتهم العربية، والكشف عن أسرار القدماء المصريين والتي وصفها الدكتور مصطفى الوزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار «أهم ما توصلت إليه مصر منذ ما يقرب من 50 عامًا». بقلم جيمس توفيل - مخرج الفيلم الوثائقي «أسرار مقابر سقارة».