حماس: أشلاء الأسيرة الإسرائيلية اختلطت بين الأنقاض    ملك البحرين يهنئ خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد بذكرى يوم التأسيس    سعود بن خالد الفيصل يعزّي الحارثي في فقيدهم    في محاضرة عن المبادئ الراسخة لتأسيس الدولة السعودية بأدبي جازان    الشؤون الإسلامية في جازان تنهي تجهيزات الجوامع والمساجد استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك    خادم الحرمين يتلقى تهنئة القيادة القطرية بمناسبة ذكرى يوم التأسيس    الذهب يتجه لتحقيق ثامن مكاسب أسبوعية وسط مخاوف الرسوم الجمركية    قادة الخليج والأردن ومصر يتوافدون لعاصمة القرار العربي    يوم التأسيس.. مجدٌ يتجدد ووطنٌ يزهو بتاريخه    الرئيس التنفيذي لهيئة الإذاعة والتلفزيون يكرّم الفرق الفائزة بمعسكر الابتكار الإعلامي في المنتدى السعودي للإعلام    اقتصاد المناطق الحل للتنوع الاقتصادي    رياح نشطة وأتربة على عدة مناطق وأمطار خفيفة شمال المملكة    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    برعاية خادم الحرمين .. انطلاق النسخة السادسة من بطولة كأس السعودية 2025 لسباقات الخيل    وزير الدولة للشؤون الخارجية يشارك في حفل افتتاح مؤتمر رؤساء حكومات مجموعة الكاريبية (كاريكوم)    زيارة "فريق الوعي الصحي التطوعي" التابع لجمعية واعي جازان لمؤسسة دار رعاية الفتيات    قرارات ترمب المتطرفة تفاقم العزلة الدولية وتشعل التهديدات الداخلية    «محادثات الدرعية» تذيب خلافات القطبين    الذكاء الاصطناعي.. هل يتفوق على تقارير الجراحين الطبية؟    "السهلي"تهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة يوم التأسيس    نائب أمير مكة يدشّن الهوية الجديدة لموسم جدة    امسك حرامي «المكالمات الفائتة فخ» .. احذر    هل رجحت كفة «المُترجَم» بالعربي؟    محمد الشقاء يوثّق سيرته الصحفية مع أستاذه «الوعيل»    «الغالي ثمنه فيه»    كبار علماء الأمة يثمنون رعاية خادم الحرمين لمؤتمر بناء الجسور بين المذاهب    احتمالية الإصابة بالسرطان قد تتحدد قبل الولادة    مُرهق عاطفياً؟ هذه الطرق تساعدك على وقف استنزاف مشاعرك    5 عادات تبدو غير ضارة.. لكنها تدمر صحتك    الديوان الملكي: وفاة الأميرة العنود بنت محمد بن عبدالعزيز آل سعود    ثلاثة قرون .. السعودية شامخة    فريقا جامعتي الملك سعود والإمام عبدالرحمن يتأهلان لنهائي دوري الجامعات    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق فيلم "ليلة الصفراء" احتفاءً بمناسبة يوم التأسيس    القوات البرية والجيش الأميركي يختتمان مناورات «الصداقة 2025» بالمنطقة الشمالية    علاقة وثيقة بين المواطنين والقادة    عم إبراهيم علوي في ذمة الله    شخصيات اجتماعية ل«الرياض»: يوم التأسيس ذكرى تجسد الوحدة وتُلهم الأجيال لصنع المستقبل    الحركان: أساس راسخ ونظرة ثاقبة وتاريخ عريق    الهرمونات البديلة علاج توقف تبويض للإناث    الصداع العنقودي أشد إيلاما    «شعبنتوا» ولا لسه ؟    درس في العقلانية الواقعية    تعليم جازان يحتفي بيوم التأسيس تحت شعار يوم بدينا    جولة يوم التأسيس : الرائد يتغلّب على الرياض بثلاثية في دوري روشن للمحترفين    مستشار الأمن القومي الأميركي : ترمب مُحبط من زيلنسكي    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    محافظ الطائف يهني النقيب الشمري    فيصل بن فرحان يبحث العلاقات الثنائية مع وزير خارجية المملكة المتحدة    بلدية محافظة الشماسية تستعد للاحتفال بيوم التأسيس    أكثر من 5 ملايين مُصلٍ في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (17) كجم "حشيش"    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجًا أكاديميًا    نائب أمير الرياض يرعى الحفل السنوي لجمعية كيان للأيتام    «الشؤون الإسلامية»: البرنامج يستهدف 61 دولة    وضعت تصورًا شاملًا ومتعدد المراحل للتعافي المبكر.. مصر تدعو المجتمع الدولي لدعم خطة إعمار غزة دون تهجير    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    مستقبل السعودية.. جذور متأصلة ورؤية متمكنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد الفيصل أنموذج القيادة الفكرية المتشبّعة بحب اللغة العربية وبقيم الوطنية والإسلام
نشر في عكاظ يوم 14 - 02 - 2021

خالد الفيصل صاحب المبادئ الثابتة في الدفاع عن الهوية العربية الأصيلة والمنفتحة
خالد الفيصل، فارس أصيل من فرسان اللغة العربية والفكر العربي
إنّ الحديث عن مكانة اللّغة العربية السامقة وحضورها البارز في فكر صاحب السموّ الملكيّ الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود وفي أقواله وأعماله يستدعي منّا التذكيرَ بما هو مشهودٌ لسموّه من رؤيةٍ استراتيجيةٍ واضحة لأدوارها الحالية والمستقبلية في عالم يَمُور بالتغيرات العميقة الواسعة والمستجدات الحثيثة وابتكارات الذكاء الاصطناعي المذهلة وما هو مأثور عنه من مواقفَ وثوابتَ فكريةٍ أصيلة اتّخذها منذ ريعان الشباب مناراتٍ وصُوًى في سلوكه وحياته الشخصية، وظلّ على مدى العقود يسترشد بها ويُرشد إلى هدْيها أهلَ اللغة العربية للمُضيّ قُدماً بلغتهم الأخّاذة الفريدة يَرعَوْنها ويُطوّرون رصيدها اللغوي ويجدّدون مناهج تعليمها في سبيلٍ تربويةٍ وثقافية لاحِبَةٍ لا عِوَج فيها ولا أمْت.
احتفلت منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في الحادي والعشرين من شهر ديسمبر الماضي باليوم العالمي لِلُّغةِ العربية الذي حمل شعارَ مؤتمرها الدُّولي «اللغة العربية، استشرافٌ في عالم متحوّل». وجاءت احتفالية الإيسيسكو الدّولية الكبرى باللغة العربية في شهر ديسمبر لِتُتوّج خيرَ تتويجٍ مسيرة عامٍ استثنائي (2020م) قرّرت فيه الإدارة العامة للمنظمة، بدافعٍ من حالة الطوارئ الصحية التي أوجبتها جائحة كوفيد 19، واسترشاداً برؤية الإيسيسكو الاستراتيجية الجديدة، أن تحشد طاقاتها البشرية والفنية والمادية كافةً وشبكةَ علاقاتها الدولية المتجدّدة للإسهام بشكل عملي ناجع، من خلال المبادرات الكبرى والبرامج المتنوعة التي أطلقتها طوال 2020، في تحويل محنة كورونا الصحية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية إلى منحةٍ لتعزيز قيم العمل والبذْل والابتكار والتضامن الإسلامي والدولي. فجاء الجَنَى، كما يشهد بذلك تقرير إنجازات الإيسيسكو لعام 2020، وفيراً شاهداً على العطاء الموصول الزاخر والإنجازات الكبرى والمبادرات المتتابعة طوال السنة دون انقطاع. وهو ما عزّز مكانة المنظمة وأدوارها في مساعدة الدول الأعضاء والمجتمع الدولي على مواجهة انعكاسات جائحة كورونا وتداعياتها الخطيرة على مجالات التربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والاتصال وسائر قطاعات التنمية.
وقد استلهمت الإيسيسكو عواملَ القوّة والثبات وعناصرَ المبادرة والنجاح في مسيرتها الاستثنائية طوال العام المنصرم 2020 أوّلاً من قِيم ديننا الحنيف وجواهر تعاليمه السامية في القرآن الكريم والسيرة النبوية المطهّرة، كما استلهمتها من أعمال رجال أعلامٍ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقادوا بفكرهم المستنير الوضّاء وجهودِهم وافرةِ العطاء حركةَ التنمية الفكرية والثقافية لمجتمعاتهم. وفي مقدّمة قادة الفكر والثقافة المُلهِمين لمنظمّتِنا صاحبُ السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، الذي وهَب حياته لخدمة لغة القرآن الكريم والمسلمين، وأفْنى زهرة شبابه في تقديم أنموذجٍ حيّ للشباب في المملكة العربية السعودية بخاصّةٍ وفي العالميْن العربي والإسلامي بعامّةٍ عن نكران الذات في سبيل رِفعة الوطن والأمّة والذّوْد عن حِماهما.
ولأنّ لِلُّغةِ العربيةِ في رؤية الإيسيسكو الجديدة المقامَ الأسْنَى الذي يليق بها والمرتبة الثقافية الأسْمَى التي هي خالصةٌ لها بين اللغات، فقد سعت المنظمة إلى أن تجعل من احتفاليّتها باللغة العربية لعام 2020 مناسبةً متميّزة رفيعة تُشعّ دولياً على المدى الأوسع وتغتني دلاليّاً بشرف مشاركة صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود، الذي اختارته الإيسيسكو شخصيتَها لعام 2020 في احتفاليتها باليوم العالمي للّغة العربية ومؤتمرها الدولي رفيع المستوى، تقديراً منها لسموّه وإكباراً ووفاءً بواجب الاعتراف بالجميل، في اتّساقٍ تامّ مع رؤيتها وتوجّهها إلى الرّيادة والإشعاع الدُّولييْن.
استمدّ صاحبُ السموّ الملكي من تجربة والده الشهيد الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود، نوّر الله قبره، نُسْغَ الأصالة والعزّة والشموخ والإباء وروحَ البذلِ والتفاني والعطاء. وتوشّح في مختلف مراحل حياته ومَدارج مسؤولياته بوشاح الحكمة والتواضع والأناة، مسترشداً بثوابتِ تربيةٍ أصيلة حَظِي بها خلال طفولته ومَطلع شبابه في أحضان أسرةٍ ملكيّة كريمةِ المَحْتِد تُعْلي من شأن اللغة العربية وبيتِ شرفٍ وسموٍّ يُجِلُّ العلمَ والقيم وتُشِعّ منه أنوارٌ هادية من القيم الإسلامية ودُرَرٌ وضّاءةٌ من المبادئ الإنسانية وجواهرُ فريدة من تقاليد الأسرة الملكية العريقة.
وإنّ الحديثَ عن مكانةِ اللّغة العربية السامقة وحضورِها البارز في فكر صاحب السموّ الملكيّ الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز آل سعود وفي أقواله وأعماله يستدعي منّا التذكيرَ بما هو مشهودٌ لسموّه مِن رؤيةٍ استراتيجيةٍ واضحة لأدوارها الحالية والمستقبلية في عالم يَمُور بالتغيّرات العميقة والواسعة والمستجدات الحثيثة وابتكارات الذكاء الاصطناعي المذهلة وما هو مأثورٌ عنه مِن مواقفَ وثوابتَ فكريةٍ أصيلة اتّخذَها منذ ريعانِ الشباب مَناراتٍ وصُوًى في سلوكه وحياته الشخصية، وظلّ على مدى العقود يَسترشد بها ويُرشد إلى هدْيها أهلَ اللغة العربية للمُضيّ قُدماً بلغتهم الأخّاذة الفريدة يرعوْنها ويطوّرون رصيدها اللغوي ويجدّدون مناهج تعليمها في سبيلٍ تربويةٍ وثقافية لاحِبَةٍ لا عِوَج فيها ولا أمْت، ولا غبَشَ يعْتَوِرُها أو ضبابَ يلفّها ويكتنفها. وقد قال سموّه في كلمته البليغة التي ألقاها في افتتاح مؤتمر الإيسيسكو الدولي رفيع المستوى -اللغة العربية استشرافٌ في عالم متحوّل-: «شرّفني اللهُ ثم خادم الحرميْن الشريفيْن بخدمة البيت الأمين، فوهبت حياتي لخدمة لغة القرآن والمسلمين في هذا الزمان والمكان، كيف لا؟ وهي قمّة البيان وهُوية الإنسان»، كما قال في كلمة أخرى لسموّه بمناسبة احتفاء إمارة منطقة مكة المكرمة باليوم العالمي للغة العربية: «لقد كرّمنا الله أن تكون لغة آخر الكتب السماوية بلغتنا، وبعث فينا ومِن الأمة العربية آخر رسُله محمد صلى الله عليه وسلم، كما أن مصدر الشرف والفخر لنا مجاورة بيته العتيق ومسجد رسوله الكريم، وهذه الأمور تُحتّم علينا العناية باللغة العربية والاحتفاء بها، فهي اللغة الوحيدة التي لا تزال تُستخدم كما جاءت في أصلها وهي اللغة أيضاً التي لم تنبثق عن لغات أخرى».
وفي هذا المسْعى الحضاريّ القويم، اختار سموّه، من خلال رئاسته لمؤسسة الفكر العربي وغير ذلك من المناصب والمسؤوليات، أن يكون صاحبَ رسالةٍ فكرية تستنهضُ الهِمَم العربية، قياداتٍ ونُخَباً وشعوباً لتعانق الإبداع من جديد، وتجذّرُ في الإنسان العربي اعتزازَه بهُويّتِه وتراثه ولغتِه دونما انغلاقٍ على الذات أو تقوقع معادٍ للآخرين، مذكِّراً على الدوام بأنّ الاعتزازَ باللسان العربي دليلُ نخوةٍ وعزّةٍ حضارية، وأنّ اللسانَ الهَجين الذي يستمْرِئ صاحبُه إقحامَ الكثير من مفردات الانجليزية أو الفرنسية في الجمل العربية لا يعبّر إلاّ عن فكرٍ خديجٍ ورؤيةٍ ثقافية شوْهاء. وجاءت مواقفُ سموّه من شرود بعض أبنائها عنها وتفضيلهم التخاطب باللغات الأجنبية مواقفَ قوية ثابتة في الذّود عنها والتبصير بواجب الوفاء لها والتحذير من مغبّات هجرانها وعقوقها. وفي المناسبات التي تحدّث فيها عن اللغة العربية وما يَحيق بها من إجحافٍ بسبب جحود بعض أهلها أعلَنَها مدوّيةً صريحة: «لستُ من أهل التغريب الذي تروّجون له»، وأكّد أنّ «اللغة هي الهُوية، ومن المؤسف أن يظهر المثقف العربي باختياره اللغة الإنجليزية تعبيراً له ليظهر مستوى ثقافته وينسى أنه عربي.. لكلّ من يتهاون بموضوع لغتنا هويتنا أقول: اتّقوا الله في لغتكم». وفي كلمة ألقاها بمناسبة إطلاق مؤسّسة الفكر العربي في دبي مشروعها «لننهض بلغتنا» قال سموُّه: «من أخطر مظاهر الهيمنة علينا هيمنة اللغة الإنجليزية على ألسنتنا ومنطوقنا اللغوي اليومي العام».
ودعا سموُّه إلى إحلال اللغة العربية محلها اللائق بها في السياسات التربوية الوطنية وفي وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وفي المعاملات اليومية وإلى تعزيز دورها الحاسم الأكيد في ترسيخ هُويّة العربيّ وفي صون ثقافة المسلم وعقيدته ومدّ جسور الحوار مع الآخر والتعارف بين الأمم وفي بناء مقوّمات الأمن الثقافي والاجتماعي للدول العربية ومَنَعتها الحضارية وقدراتها التنموية. ومن جليل الإنجازات والمبادرات في مختلف المناصب والمسؤوليات التي تولاّها على مدى العقود الماضية لإحلالها المحلّ الأكرم الذي يليق بها إعلانُ سموّه عندما كان وزيراً للتعليم «إلزامَ وزارة التربية والتعليم لجميع المعلمين والمعلمات في مدارس التعليم العام بالحديث باللغة العربية الفصحى.. ووضع جميع الحوافز الكافية لتشجيع هذا التوجه».
والرجل كما نراه في منظمة الإيسيسكو هو رجل المهمّات الكِبار والمسؤوليات الجِسام، الذي اختار أن يتحمّل الأعباءَ الثِّقال لقيادةٍ فكريةٍ وتنمويةٍ رشيدة تُحفّز التغيير الإيجابيّ وتصدَح بتباشير التّنوير العقلاني في سبيل مجتمعٍ عربي يَبني قدرات أجياله ويستنهض طاقات نسائه ورجاله. ورغم ما يُستشَفُّ في بعض خطاباته من نبراتِ حزن وألَمٍ لِما ألَمَّ بالعالميْن العربيّ والإسلامي مِن عثراتٍ وأزمات، ظلّ الأملُ والتفاؤل والتحدي والإصرار السمات الأبرزَ لإيمانه العميق الراسخ بمستقبلٍ أفضل للعرب والمسلمين وبمكانةٍ أسْمَى للّغة العربية. وهو على رأس مهامّه النبيلة في هذه السبيل القويمة التي اختارها لنفسه وأرادها لوطنه وأمّته يوفّر أنموذجاً حياً ماثلاً أمام النّاظرين عن المفكّر المبدع الذي ينشر الوعي وينير الأفهام ويخاطب القلوب والألباب مؤسِّساً المقدّمات الضرورية للبناء والإنماء، والقائد المقدام الذي يهيّئ على الأرض البيئات الحاضنة لمشاريع حضارية في خدمة الإنسان والعمران مِن قبِيل مبادرة «تمكين اللغة العربية في العالم الإسلامي». وهي مبادرة كبرى أطلقتها الإيسيسكو خلال عام 2020 في إطار رؤيتها الجديدة.
وحيثما حلّ صاحب السموّ الملكي واستقرّ به المقام في مختلف المواقع والمناصب الرفيعة التي تقلّدها، أرْسى دعائمَ رؤيةٍ فكريةٍ ثاقبة منافحة عن اللغة العربية وثقافتها تتّسق مع الرؤية الملكية السامية لشؤون التربية والثقافة والعلوم والتنمية المستدامة في المملكة العربية السعودية، وظهَرت بصماتُه جليّةً للناظرين، كما أيْنعَت جهودُه الدؤوبة ثمراتٍ دانيةً للقاطفين. فإذا أمعنّا النظر في هذا السجلّ الزاخر الفاخر من المناصب والمسؤوليات الجِسام وجدناها تُغطّي طيْفاً واسعاً من الاختصاصات تُوافق ما اشتُهِر به سموّه مِن سعة الاطّلاع ورحابةِ آفاق التطلُّع والحرصِ على الإتقان والإبداع، ويعبّر من خلالها عن موقفه الأصيل الداعم للغة القرآن الكريم. ففي منطقة عسير التي ظلّ قائماً بشؤون إمارتها ما يقارب سبعة وثلاثين عاماً في همّةٍ عالية لم تخْبُ مع مرّ السنين شعلتُها المتوقِّدةُ الوضيئة كان يوجّه باستمرار القائمين على الشأن التعليميّ إلى أهمية الالتزام باللغة العربية وتعميم استخدامها في مدارس منطقة عسير بين المعلمين والطلاب تحدثاً وكتابة. وفي منطقة مكة المكرمة التي تولّى إمارتها مرتين وما زال حالياً قائماً بها، تعدّدت إسهاماته في خدمة اللغة العربية ومشاركاته في المؤتمرات التربوية والثقافية ذات الصلة. وقد أطلق سموُّه شعار «كيف نكون قدوة بلغة القرآن» ليكون شعار حملة بناء الإنسان في منطقة مكة المكرمة لعام 1441ه. وفي منصبه الحالي مستشاراً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ظل سموّه على عهده في الاهتمام باللغة العربية. كما برز عطاؤه بمبادراتٍ كان له فيها فضلُ السبق والريادة، فإلى سموّه يعود فضل إحياء سوق عكاظ الشعري، وهو المؤسّس لعددٍ من المنتديات الأدبية والثقافية والمجلات الفكرية والثقافية. وهو قبل هذا وذاك شاعر ملهم ومُحاور مفحِم وفنان تشكيلي مبدع عانق آفاق العالمية بلوحاته وأعماله الفنية.
وقد نال منظمةَ الإيسيسكو من هذه المسؤوليات التي تقلدها سموّه، شرفُ التعاون والشراكة طوال السنوات الماضية مع مؤسسة الفكر العربي التي يرأسها سموّه والتي تدعو إلى التضامن بين الفكر والمال. وبرز تعاون المنظمة والمؤسسة خاصة في تنظيم المؤتمرات الدولية المتخصصة، وتنظيم «مهرجان اللغة العربية» الذي شمل أنشطةً احتفالية باللغة العربية كانت مؤسّسة الفكر العربي سبّاقةً إلى إطلاقها قبل الإعلان عن اعتماد يومٍ عالميٍّ للّغة العربية في الثامن عشر من ديسمبر من كل سنة. وقد سعت مؤسّسة الفكر العربي من إطلاق هذا المهرجان إلى تغيير الصور السلبية لدى شريحةٍ من المثقّفين العرب عن الّلغة العربية وإلى دعمها باعتبارها لغة حيوية وعصرية ورافدة للهوية، تلبي احتياجات الناشئة والأفراد في القرن الحادي والعشرين.
وفي إطار رؤية الإيسيسكو الجديدة، تتطلّع المنظّمة إلى أن تحظى برامجُها ومبادراتُها المتناغمة مع رؤى سموّه التواقة إلى التنمية المجتمعية وتعزيز مكانة اللغة العربية بالدعم الكريم المأمول من صاحب السموّ الملكي، كما تتطلّع إلى تمتين عُرى الشراكة والتعاون المستقبلي مع المؤسّسات التي يرأسها سموّه مثل مؤسسة الفكر العربي وغيرها من المؤسسات. فبيْن المدرسة الفكرية لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل المُنافح عن اللغة العربية وحامل مشعل التطوير المؤسَّسيّ الشامل للفكر العربي، ومنظمة الإيسيسكو قواسمُ مشتركة في تناول قضايا اللغة العربية والثقافة العربية الإسلامية، حيث تتماثل المرجعيات والأولويات، وتلتقي رؤية سموّه مع رؤية الإيسيسكو في هذا المجال. وفي خطبه وكتاباته وحواراته الصحفية يعبّر صاحب السمو الملكي عن الرؤية نفسها التي تتبنّاها الإيسيسكو عن اللغة العربية باعتبارها لغةً عالميةً للإنسانيةِ جمعاءَ، وجامعةً للمسلمين كافة، ومقرِّبةً بين الشعوبِ والأمم، ومستوعِبةً للثقافات المتنوعة، ومواكِبةً للعلوم والابتكارات بامتياز.
وأودّ أن أختتم هذه المقالة بأبيات شعرية نظمتُها في صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل وقلت فيها:
أمير الضاد
في نهجِ والدِه المعظّم قد سرى
حتى تمكّنَ واستنارَ وأُمِّرا
هو قمةٌ شمخَت ندىً وعُروبةً
فله مقامُ السبقِ صوْتًا عَبّرا
جاءتهُ أطنافُ الإمارةِ تزْدهي
فخرًا وتمشي في حماهُ تَبَخْتُرا
هو (دائمُ السيف) العريقُ أصالةً
أَعظِمْ به فى العادياتِ غضنفرا
هو منْ ينافحُ عن لسانِك ضادَنا
ويضيقُ ذرعًا إنْ مشيتِ القهقرا
وبنى بيوتَ الفكر صرحَ ثقافةٍ
حتى تآخى شاعرًا ومُفكّرا
هو منْ أعادَ إلى عكاظَ بريقَها
وأناف بالشعرِ الأصيلِ وقَدّرا
يبقى له إرث يطيب بذكره
وبنبله أُلق الشباب تأثرا
يحميك ربّ البيتِ عشتَ تصونه
وأطالَ عمرُك للمروءةِ مِنْبرا
* المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)
Dr_SalimAlmalik@


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.