يبدو واضحا أن مليشيا الحوثي لم تعد تستمرئ إطلاق الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة المصنوعة في إيران على المدنيين في المملكة، وكان آخرها أمس، ونجحت القوات السعودية في اعتراضها، فحسب، بل استفادت من قرار إدارة بايدن تجميد تصنيفها منظمة إرهابية وتمادت في غيها وإرهابها سواء ضد الشعب اليمني أو المدنيين في المملكة التي تمكنت من اعتراض الصواريخ والمسيرات بامتياز طوال الفترة الماضية وتعاملت بضبط النفس رغم قدرتها على الرد الذي يكفله لها القانون الدولي ورفضها ما تقوم به مليشيا الحوثي المدعومة من طهران من تهديد لأمن واستقرار اليمن وما تقوم به من أعمال عدائية من خلال هجماتها المتكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تستهدف المناطق المدنية الآهلة بالسكان والمطارات والمرافق والمنشآت المدنية بالمملكة. ومن الأهمية القصوى تعزيز التشاور السعودي الأمريكي في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها الأزمة اليمنية، وهو ما أكدته الخارجية الأمريكية عندما قالت إنه حان الوقت للتشاور مع السعودية والحلفاء والكونغرس بشأن إيران. ورغم تنديد الخارجية الأمريكية، ورفضها الاعتداءات التي تشنها المليشيات على المملكة، إلا أنه يبدو من الواضح أن المواقف الأمريكية الأخيرة من الملف اليمني، فُهِمَتْ بشكل مختلف من مليشيات الحوثي خصوصا أن إيران والحوثي طرفان أساسيان في أزمة اليمن وليسا جزءا من الحل. وإذا كان النظام الإيراني يرغب في حل أزمة اليمن فعليه الالتزام بالمرجعيات الدولية ووقف دعم أذرعها في المنطقة المتمثلة في الحوثي والحشد الشعبي وحزب الله. واعتبرت مصادر سياسية أن الضغوط التي مارستها القيادات الإيرانية على المبعوث الأممي مارتن غريفيث في طهران لإعادة رسم شكل التسوية النهائية للملف اليمني لن تكون مقبولة كون إيران تحاول خلط الأوراق لإعادة ملف الأزمة إلى نقطة الصفر وتغيير بوصلة الجهود الدبلوماسية للتوصّل إلى حلّ سياسي للنزاع في اليمن وفق المرجعيات وتوفير ضمانات كافية لجيران اليمن بعدم التعرض لأمنهم. ويرجح مراقبون أن تلعب واشنطن، عبر مبعوثها الخاص إلى اليمن ليندركينغ، دورا متصاعدا خلال الفترة القادمة، لدعم آلية وقف إطلاق النار الشامل، واستئناف المشاورات بين الحكومة اليمنية والحوثيين وفق المرجعيات. واعتبرت مصادر سياسية يمنية، أن محاولة ربط طهران أي تسوية في اليمن بحل خلافاتها مع الولاياتالمتحدة حول الاتفاق النووي ستكون مرفوضة. وكان نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان واضحا عندما أكد على التزام الرياض بدعم «الشرعية» اليمنية، في إشارة وصفها مراقبون بأنها تعبير عن ثقة الحكومة السعودية في دعم خياراتها المتعلقة بأمنها القومي، بمعزل عن أي ضغوط خارجية. وشدد نائب وزير الدفاع على استمرار الرياض في «دعمها للجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل سياسي شامل في اليمن وفق المرجعيات الثلاث ودعمها للشرعية اليمنية سياسياً وعسكرياً في مواجهة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران في كل الجبهات وبكل حزم».