هل كان الشعب اليمني ودول الإقليم والعالم بأسره بحاجة للانتظار كل هذا الوقت الطويل لكي يثبت أن جماعة الحوثي منظمة إرهابية. هذا السؤال يحيلنا إلى سؤال أعم وأشمل حول ازدواجية معايير المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان في تعريف الإرهاب، إذ ثبت أنه تعريف خاضع لاعتبارات مختلفة تتعلق بتوجهات سياسات الدول الكبرى تجاه مناطق العالم وشعوبها، وأجندات المصالح والنفوذ، وتشكيل المحاور والوكلاء، والتحضير لإعادة تشكيل الخرائط الجيوسياسية، بغض النظر عن الاعتبارات الإنسانية، ومهما حدث من كوارث للشعوب. لقد أعلن وزير الخارجية الأمريكي يوم أمس أن أمريكا ستصنف المتمردين الحوثيين في اليمن على أنهم جماعة إرهابية مع وضع زعيم الجماعة وشخصين آخرين من قادتها على قائمة الإرهابيين الدوليين، وأن التصنيف يهدف إلى محاسبة الحوثيين على أعمالهم الإرهابية، وسوف يُخطر الكونجرس بذلك. هذا التوجه المتأخر جداً لأمريكا يأتي في الوقت الضائع للإدارة الحالية شبه المعطلة، فأمريكا الآن مشغولة بما هو أكبر وأهم، وقرارات إدارة ترمب مهددة بالتجميد والنقض والطعن في قانونيتها، بمعنى أن قرار تصنيف الجماعة الحوثية بأنها إرهابية قد لا يعني تحويله إلى قرار نافذ في هذه الظروف، ولو كانت إدارة ترمب جادة في هذا التوجه لكان أمامها آلاف الأدلة والبراهين خلال السنوات الماضية التي تؤكد ضرورة تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية. وفي ما يتعلق بالقول إن التصنيف يهدف إلى محاسبة الجماعة على أعمالها الإرهابية فإنه لا بد من السؤال عن طبيعة المحاسبة عطفاً على تصنيف جماعات أخرى في أوقات سابقة بأنها إرهابية لكنها لم تنل من العقوبات الجادة ما هو كفيل بردعها، وما زالت تعربد في مواقع كثيرة، تنشر الإرهاب وتهدد مصالح الدول على مرأى ومسمع العالم كله. أي أن قرار التصنيف بهدف المحاسبة لا يعني بالضرورة شيئاً مفيداً، ولكن في كل الأحوال دعونا نرى ما يحدث.