يجمع العلماء على أن الفايروسات تتحور، لتنتج سلالات جديدة، أثناء تفشيها وسط المجموعات السكانية، وعلى أن بعضها يتحور أكثر من فايروسات أخرى، خصوصاً الفايروس المسبب للإنفلونزا، وهو من سلالة فايروسات كورونا. ولذلك يضطر العلماء كل عام إلى تطوير لقاح الإنفلونزا ليكون قادراً على صد الإصابة بهذا الفايروس. وينطبق ذلك التحور على فايروس كورونا الذي ظهرت منه سلالات، منذ اندلاعه في الصين نهاية 2019. لكن العالم بدا كأنه أُخذ على حين غِرّة حين أعلن رئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون السبت الماضي ظهور سلالة جديدة من الفايروس في مقاطعة كنت القريبة من لندن. وتملك السلالة الجديدة خاصية القدرة على التفشي بسرعة تفوق السلالة السابقة بنسبة 70%. وتزامن ذلك مع إعلان علماء جنوب أفريقيا خلال الأسبوع نفسه أنهم اكتشفوا سلالة جديدة من الفايروس في تلك البلاد القضية. ولا توجد أدلة على أن السلالة الجديدة قاتلة، أو أنها تحدث نسبة وفيات مرتفعة. وقال كبير علماء بريطانيا سير باتريك فالانس إن السلالة الجديدة غدت هي المهيمنة. وأضاف أنها السبب في نحو 60% من الإصابات الجديدة في العاصمة البريطانية لندن خلال ديسمبر الجاري. وأكثر ما يثيثر قلق العلماء الغربيين أن هذه السلالة الجديدة حدث فيها أكثر من 20 تحوراً، بعضها في الدهون (البروتين) الذي يوجد على سطح الفايروس، ويستخدمه بشكل أساسي للالتصاق بخلايا الجسم الذي يصيبه. وهذا هو البروتين الذي تقوم عليه نظرية اللقاحات الجديدة المضادة للفايروس. ويقول العلماء إن التحور المشار اليه يعني حدوث تغيير طفيف في حرفين أو أكثر من الألفبائية الوراثية للفايروس. ويمكن أن تصبح السلالة الجديدة مهيمنة في دولة، أو منطقة، جراء السماح بالتجمعات الحاشدة، وحضور الحفلات، وغير ذلك من المناسبات التي تساعد في إفشاء الوباء. وقال أستاذ الأحياء وخبير علم الوراثة بسياتل الدكتور تريفور بيدفورد، في حسابه على تويتر أمس الأول، إن ثمة دلائل مبدئية على أن السلالات الجديدة للفايروس مقاومة للعلاج الذي تُستخدم فيه الأجسام المضادة. وكان علماء سويديون اكتشفوا في إبريل الماضي سلالتين من الفايروس نفسه حدثت فيهما تغيرات وراثية جعلتهما أكثر قدرة على التفشي. وقد أصيب عدد من الأشخاص في الدنمارك بهذه السلالة الجديدة بعد التقاط عدواها من حيوانات المينك. وقال عالم الفايروسات بجامعة كامبريدج ببريطانيا الدكتور رافي غوبتا إن السلالة الجديدة التي اكتشفت في بريطانيا حدثت فيها 8 تغيرات في البروتين على سطح الفايروس.