العمل فضيلة إنسانية تحولت إلى غاية لكسب الرزق وعمارة الأرض وتغذية الحاجات الإنسانية الراسخة في أعماق كل إنسان، مثل الحاجة إلى التقدير، والحاجة إلى إثبات الذات، لذلك ينبغي على المرء أن يكون نشيطاً مثابراً يعمل ويكسب، فيعمر الأرض ويكفي نفسه من عمل يده وعرق جبينه، لا أن يعيش عالة على غيره وعبئاً على المجتمع ما دام قادراً على الكسب، وقد مكنه الله تعالى منه، وقد حث الدين الحنيف على العمل ورغّبت الشريعة الإسلامية بالتعفف عن السؤال، وشجعت على إكبار النفس عن التسول، لما في ذلك من مقاصد عظيمة تعلي من شأن المرء وتدفع به إلى البحث عن عمل شريف، ويمثل التسول ظاهرة سلبية تسيء إلى سمعة أي مجتمع ومظهره الحضاري، إذ يتخذه قلة من المتكاسلين مهنة يتكسبون من خلالها، رغم قدرتهم على العمل، كما يتستر خلفها الكثير من أصحاب النوايا السيئة والنشاطات المشبوهة الذين يدعمون من خلال تسولهم أنشطة ممنوعة يجرمها القانون. مكافحة التسول في السعودية تضيف وزارة الموارد البشرية، أن إدارة مكافحة التسول التابعة للوزارة تأتي لتحقيق أسس التوجيه والإصلاح السليمة للمتسولين، إذ يوجه ذوو العاهات وكبار السن إلى دور الرعاية الاجتماعية للاستفادة من خدماتها، ويحال المرضى إلى المستشفيات المتخصصة لتقدم لهم الرعاية الصحية المناسبة دون مقابل، أما المحتاجون مادياً فتتم دراسة أوضاعهم والتعامل مع كل حالة على حدة، حسب ما يتطلب وضعها، كما يحال الصغار والأيتام الذين تنطبق عليهم لوائح دور التربية إلى هذه الدور التي توفر لهم التنشئة الاجتماعية السليمة، أما المتسولون غير السعوديين فإن مهمة متابعتهم وإنهاء إجراءات ترحيلهم تعنى بها الجهات الأمنية المختصة، وتقدم الخدمات الاجتماعية والصحية والنفسية والاقتصادية للمتسولين، بحسب احتياج كل حالة والتنسيق في ذلك مع الجهات ذات العلاقة، مع إرشاد وتوجيه المتسولين المقبوض عليهم للاستفادة من الخدمات التي تقدمها الجهات الحكومية والأهلية. وقد صدر قرار وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية القاضي بنقل مهمات وأعمال مكاتب مكافحة التسول إلى مكاتب الضمان الاجتماعي في جميع مناطق المملكة، وتقديم الخدمات الاجتماعية المحققة لبرنامج التمكين والتأهيل للسعوديين. واستكمالاً لجهود الوزارة في مكافحة التسول والعناية بجودة الأداء تضافرت جهود إدارة مكافحة التسول والإدارة العامة للحماية الاجتماعية والإدارة العامة لمكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص لمعالجة ظاهرة استغلال الطفل والمرأة والفئات المستضعفة في التسول واتخاذ الإجراءات والتدابير المناسبة للحد من ذلك. وبينت الوزارة بأنه في إطار اهتمامها بالعمل على مكافحة التسول واجتثاثه من جذوره، فقد عملت على المشاركة في ملف مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص والتي انعكست إيجابا على ترتيب المملكة في تصنيف تقرير الخارجية الأمريكية الأخير عن مكافحة الاتجار بالأشخاص للعام 2020، واعتماد مراجعة إستراتيجية لمكافحة التسول تهدف إلى وضع السياسات وبناء أنظمة للحد من ظاهرة التسول، وأطلقت الوزارة العديد من المبادرات التي تدعم هذا التوجه، وتسهم في منع تحول هذا السلوك إلى ظاهرة مجتمعية منها: 1 - إعداد مشروع نظام للمكافحة استناداً إلى قرار مجلس الوزراء القاضي بتحديد مهمات وزارتي الداخلية والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في مكافحة التسول، حيث تضمنت «مراجعة الأنظمة واللوائح والتعليمات المطبقة في مجال مكافحة التسول، واقتراح التعديلات اللازمة عليها، واقتراح ما يلزم من أنظمة ولوائح جديدة للرفع من مستوى المكافحة»، جاء بيان السند النظامي لاختصاص الوزارة لإصدار نظام لمكافحة التسول الذي يهدف إلى تجريم امتهان التسول بكافة صوره والقبض على مقترفيه وتطبيق العقوبات الرادعة بحقهم، ووضع التدابير اللازمة للحد من انتشار التسول في المملكة أو تحوله إلى ظاهرة، ومكافحة الظواهر السلبية التي تؤثر على الأمن والقيم الاجتماعية والتي ترتبط بظاهرة التسول، وتنظيم وإيضاح اختصاصات الجهات المعنية. 2 - نظام إلكتروني للربط مع الجهات المعنية سعياً من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في تحقيق رؤية المملكة 2030 بإحداث التطور في كل المجالات للنهوض بالمملكة واستخدام أحدث الأساليب التكنولوجية بها في كل المجالات مع محاولة حل كافة المشكلات التي تعوق تحقيق خطة التطوير، ورغبةً منها في القضاء على هذه الظاهرة، فقد عملت الوزارة على تطوير نظام إلكتروني وطني خاص بمكافحة التسول يتضمن سجلات موحدة للمتسولين والخدمات المقدمة لهم، وربطه بالجهات ذات العلاقة داخل وخارج الوزارة مثل (الداخلية، التعليم، الصحة) وغيرها. 3 - خط هاتف ساخن للمكافحة تم تشغيل الخط الساخن لمكافحة التسول (8001181199)، والذي يعنى بالدعم والمساندة والتوجيه للجهات الأمنية، وتم تعميمه على مديري عموم فروع المناطق التابعة للوزارة. 4 - حملة إعلامية بهدف رفع مستوى الوعي المُجتمعي للحد من ظاهرة التسول وإبراز جهود الوزارة وإيضاح دورها في مكافحته مُستهدفة جميع فئات المجتمع من مُقيمين ومواطنين باستخدام وسائل الإعلام الجديدة، فقد انطلقت في شهر مايو 2020 حملة إعلامية بعنوان «#لمن_أتصدق؟» تحمل تساؤلاً مباشراً يجعل القارئ يتوقف للتفكير حوله، إلى أن تظهر التفاصيل، حتى تكون اللحظات التي سيتعمق فيها بالتفكير طريقا نحو تغيير الفكرة من خلال الوصول إلى أعماقها والتأثير عليها بشكل يتناسب مع أهداف الحملة، التي تستهدف جميع فئات المجتمع من مقيمين ومواطنين باستخدام وسائل الإعلام الجديدة، ووصول الحملة ورسالتها إلى أكبر قدر ممكن، وقد بلغ التفاعل مع وسم #لمن_أتصدق؟ في تويتر حينها أكثر من 33 مليوناً. كما تعتزم إدارة مكافحة التسول إعداد الدارسات والبحوث وعقد الندوات والمؤتمرات ذات العلاقة بالتسول ونشر الوعي المجتمعي بأخطار التسول على المجتمع. تنوع في استعطاف الناس كشفت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ل«عكاظ»، أن هنالك تنوعا في أساليب التسول، منها المباشر مثل الوقوف أمام الإشارات المرورية، أو الجلوس في المساجد والأماكن العامة وما إلى ذلك، وغير المباشر مثل الرسائل التي ترسل عن طريق منصات التواصل الاجتماعي، مع الدعم بصور لا تمثل واقع الحال واتخاذها وسيلة لاستعطاف الناس واستغلال طيبة نفوسهم ونوازع الخير التي تدفعهم إلى العطاء بحسن نية، وقد قامت الجهات المعنية باتخاذ العديد من الإجراءات التوعوية والوقائية والرقابية لمكافحة هذا الفساد والحد من انتشاره، فمنعت التسول، وافتتحت المؤسسات الخيرية والإنسانية التي تدعم المستحقين وتكفيهم احتياجاتهم، ولهذا كان من الواجب تعاون الجميع مع الجهات المختصة وإبلاغها عن المتسولين من خلال طرق الاتصال المخصصة لذلك، وهي التي تقوم بالتحقق من حالة المتسول، لتتخذ بعد ذلك جملة من الإجراءات بحسب ما يثبت لها عن حالته ومدى احتياجه.