من هو مبعوث السلام الأهم الذي ساهم بإقناع المنطقة، ودولها، بشكل كبير، بضرورة السلام مع إسرائيل؟ هل هو المبعوث الأمريكي براين هوك، أم صهر الرئيس جاريد كوشنر؟ قناعتي أن مبعوث السلام الرئيسي هو إيران، وبمساعدة من تركيا، التي هي بمثابة حامل الشنطة لطهران. بالنسبة للسعودية، إيران هي من يدعم الحوثيين في اليمن، والذين يستهدفون حدودنا، كما يستهدفون جارنا اليمن، وشرعيته، واستهدفوا، ويستهدفون، أي الإيرانيين، أمننا طوال أربعة عقود، تارة بالإرهاب المباشر، حتى في مكة أثناء الحج، وتارة عبر القاعدة، وخلافها. وبالنسبة للإمارات فإن إيران هي من تحتل الجزر الإماراتية، وتهدد السفن قبالة سواحلهم، وأكثر. وإذا كنت بحرينياً فلن تسنى، أو تغفر، أن إيران هي من خطط وسعى لجعل مملكة البحرين أول جمهورية تابعة لإيران بالخليج، وذلك بما عرف بالربيع العربي. ولو كنت سورياً، فلا يمكن أن تغفر لإيران جرائمها بحق الأبرياء العزل هناك، ولا يمكن أن تغفر لإسماعيل هنية وصفه الإرهابي قاسم سليماني بشهيد القدس، وهو الذي نكل بالسوريين، قتلاً، وانتهاكاً لطائفتهم السنية، وعلى يد مليشيات إرهابية شيعية، والقصة هنا ليست قصة سنة، وحسب. حيث رأينا مظاهرات شيعية تخرج بالعراق، ولبنان، منددة، ورافضة، للنفوذ الإيراني هناك، وفي العراق تحديداً، رأينا كيف يقتل، ويغتال، المتظاهرون والناشطون، على أيدي مليشيات إيرانية. ولو كنت فلسطينياً، لكفرت بالمشروع الإيراني الذي رسخ الفرقة الفلسطينية، والشرذمة. ولو كنت مصرياً ورأيت كيف انتهكت بلدك إبان الثورة المصرية، وكيف تم اقتحام السجون على يد حزب الله وحماس، وهما اللذان يتحركان بغطاء، وتمويل إيراني، لقلت مثل ما قال وزير الداخلية البحريني في تعليقه على إقامة بلاده علاقات سلام مع إسرائيل. حيث يقول وزير الداخلية الفريق أول الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة إنه «إذا كانت فلسطين قضيتنا العربية، فإن البحرين قضيتنا المصيرية». ولو كان لأهل غزة الحرية الكاملة لقالوا ذلك أيضاً، في مقابل التغول، والتسلط الإيراني، ومعه تغول حماس بالسلاح عليهم. ولذا فإن أهم مبعوث للسلام بمنطقتنا هو إيران، وساندتها رعونة تركيا أردوغان، فما فعلته إيران بمنطقتنا من خراب ودمار أمر لا يستهان به، حيث ساهمت بانهيار مفهوم الدولة العربية، بل وسقوطها. استنفاد إيران لكل الشعارات، والأكاذيب، ومسها بمعتقدات الناس، والتعريض بهم، وقتلهم، على يد جماعات إرهابية، هو ما عجل، وأنضج، عملية السلام، والدليل أن لا مظاهرة خرجت منددة بالتطبيع، أو السلام، حتى نظام الأسد نفسه التزم الصمت، وهذه قصة أخرى. والقصة الأساس هنا هي أن جرائم إيران بالمنطقة هي من أقنع الطيف الواسع بمنطقتنا بضرورة، وحتمية السلام، بدلاً من ضياع الأوطان. [email protected]