على رغم أن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، الذي يقود حكومة حزب المحافظين الحاكم، قلل من شأن معلومات نسبتها صحيفة «التايمز»، قبل ثلاثة أيام، إلى والد زوجة مستشاره ذي النفوذ الطاغي دومينيك كمينغز، ومفادها أن جونسون يعتزم الاستقالة من منصبه خلال ستة أشهر، لأنه لا يزال يشعر بوطأة تبعات إصابته بفايروس كورونا الجديد؛ فإن الحديث عن تنحيه أطلق- في ما يبدو- معركة شرسة بين اثنين من أبرز أعضاء طاقمه الحكومي، اللذين يأملان بالترشح لزعامة حزب المحافظين، وبالتالي ترؤس حكومته. وهما وزير الخزانة ريشي سوناك، وهو بريطاني من أصل هندي؛ ووزير شؤون مجلس الوزراء مايكل غوف. ورجحت صحيفة «ديلي ميل» أمس أنها ستكون معركة بين الخبرة والذكاء المجسّديْن في غوف، وبين الجاذبية والكاريزما المجسدتين في وزير الخزانة سوناك. وسارع أعضاء في حزب المحافظين بمجلس العموم (البرلمان) لاستبعاد أي سيناريو من ذلك القبيل. غير أن كثيرين منهم أعربوا عن اعتقادهم بأن جونسون سيتنحى خلال العام 2023، ليتيح لمن سيخلفه فرصة التمرس على أشغال رئاسة الحكومة، ليكون جاهزاً لقيادة الحزب في الانتخابات التشريعية التي من المقرر إجراؤها في عام 2024. ونسبت الصحيفة إلى أصدقاء غوف، وهو من المناهضين للسعودية، قولهم إنه سيخوض حتماً معركة زعامة الحزب بعد تنحي جونسون، على رغم الشعبية الطاغية التي اكتسبها النجم الصاعد سوناك، بفضل قراراته في الإنفاق بسخاء على الشعب البريطاني لتخفيف تأثيرات نازلة كورونا. وهو سخاء امتد إلى درجة إتاحة الوجبات في المطاعم بنصف القيمة للبريطانيين، ودفع 80% من رواتب من حرمهم كوفيد-19 من وظائفهم. وتعاظمت شعبية وزير الخزانة إلى درجة أنها فاقت شعبية جونسون، خصوصاً بعد قرار الأكل بنصف القيمة، على أن تتحمل الخزانة النصف الآخر. ولاحظ المتابعون للشأن البريطاني أن غوف وسوناك يعكفان على بناء شبكة اخطبوطية من الموالين لهما على امتداد الوظائف الحكومية والسياسية العليا. كأنهما يسعيان إلى أن يكون أحدهما «الرئيس التنفيذي» للمؤسسة الحزبية الحاكمة، بينما يواصل جونسون مهماته باعتباره رئيساً لمجلس إدارة تلك المؤسسة. ويبلغ سوناك من العمر 40 عاماً، في حين أن غوف في ال 53 من عمره. ويجمع نواب حزب المحافظين على أن جونسون لا بد من أن يتنحى قبيل الانتخابات القادمة، بسبب الأخطاء التي ارتكبتها إدارته في مواجهة نازلة فايروس كورونا الجديد.