أكد وزير التعليم الدكتور حمد آل الشيخ، أن قرار استمرار الدراسة عن بعد هو قرار تكاملي وتشاركي ما بين الجهات المعنية، ويأتي وفق اهتمام القيادة بسلامة وصحة جميع منسوبي قطاع التعليم من الطلبة والمعلمين وأعضاء هيئة التدريس والإداريين والمدربين. وقال وزير التعليم خلال لقاء في برنامج «سؤال مباشر» على قناة العربية، الذي عرض اليوم (الجمعة)، إن الخيار الأساسي والأولوية الأولى هي السلامة والصحة وتقليص مخاطر التعرض لأي عدوى لا قدر الله، وفي نفس الوقت تحقيق الأهداف التعليمية، فالقرار جاء بالتوافق ما بين وزارات التعليم والصحة والاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة تقويم التعليم، وجميع الأجهزة يكمل بعضها البعض من أجل الوصول إلى قرار يوازن بين الأولويات ويحقق المصلحة لجميع شرائح المجتمع. وحول سؤال عن تأخر إقرار التعليم عن بعد، أفاد بأن الأهم هو اتخاذ القرار، مضيفا: أعددنا دراساتنا منذ نهاية الفصل السابق، وبدأنا إجراء سيناريوهات للمدارس في النطاق الأخضر والنطاق البرتقالي والنطاق الأحمر، ووضعنا نماذج تشغيلية مختلفة لها وفقا للإجراءات الاحترازية، وتم وضع قواعد وأدلة استرشادية، أما في ما يتعلق بالجامعات فقد أُعطيت أدلة استرشادية، كما أنها تستطيع أن تفصّل ما تريده في الجوانب التطبيقية أو النظرية. وأشار إلى أنه في التعليم العام «كانت لدينا قضية وهي اختلاف المدارس بحسب حجم الفصول والكثافة داخلها، فهناك مدرسة في ضاحية أو في قرية، إذ لا يمكن اعتماد فترتين للدراسة إلا إذا كانت هناك ضوابط معينة وبحاجة إلى ترتيب بالنسبة للمعلمين، وكل ذلك تم وضع الخطط له بالتنسيق مع وزارة الصحة في البداية، ثم بعد ذلك بالتنسيق مع الوزارات الأخرى مثل وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات». وأكد الوزير آل الشيخ أنه تم وضع السيناريوهات للنطاقين الأخضر والبرتقالي، لكن النطاق الأحمر يتضمن أن تكون الدراسة بكاملها عن بعد، «لذا لا بد أن تكون لدينا خيارات متعددة للطالب لأن يصل إليه البث في كل نقطة في أنحاء المملكة، إذ إن بعض الطلاب قد لا يكون لديهم أجهزة أو تغطية للاتصال بالإنترنت لذا يجب أن نصل إليهم بطريقة أخرى». وأجاب وزير التعليم عن الجهة المسؤولة عن تقرير العودة الطبيعية للدراسة من عدمها سواء وزارة التعليم أم وزارة الصحة، بقوله: الجميع مسؤول؛ لأن المسؤولية تكاملية وتضامنية بين الجهات الحكومية المعنية بذلك، فوزارة التعليم لا تستطيع أن تتخذ قرارا قد يضر بالصحة العامة، ولا تستطيع وزارة الصحة أيضا أن تنفرد بالقرار، فهو قرار توافقي، ونحن نعمل معا في وزارات التعليم والصحة والاتصالات وكذلك هيئة تقويم التعليم، بما يحقق تطلعات وأهداف وصول التعليم، والمحافظة على سلامة وصحة الطلاب وأعضاء هيئة التدريس. وفي ما يخص التقييم الذي سيتم بعد سبعة أسابيع من بداية الدراسة، واختيار هذه المدة تحديدا أشار وزير التعليم إلى أن ذلك تم بطلب من وزارة الصحة، إذ إن فترة ما قبل شهر أكتوبر تشهد بدء حالة الإنفلونزا الشتوية، وانتشارها سيؤدي إلى الشك في إصابة الشخص بالفايروس لا قدر الله، وفي نفس الوقت جاء القرار للنظر في الابتعاد عما يسمى ب«الموجة الثانية» من الجائحة، وفترة الأسابيع السبعة كفيلة بأن تعطينا بُعدا عن النور في نهاية النفق، وإن كان إلى الآن لا يستطيع أحد أن يجزم بمسافة هذا النور من موقفنا الآن، فنحن نتحدث عن حالة استثنائية في العالم أجمع، وتُحلل فيها المخاطر على كافة المستويات، وفيها إجراءات استثنائية. وكشف آل الشيخ أن وزارة التعليم كوّنت لجنتين، الأولى للتعليم الجامعي، والأخرى للتعليم العام، وذلك لتقييم كافة الاحتمالات، سواء تمديد الوضع أو تقليصه وإعطاء الإجابة خلال خمسة أسابيع من بداية الفصل الدراسي الأول، فمدة سبعة أسابيع حددتها وزارة الصحة، أما مدة خمسة أسابيع فحددتها وزارة التعليم، لاتفاق المسؤولين في التعليم والصحة وغيرها على القرارات نفسها. وتعقيبا على ما صرح به وزير الصحة بأنه لن تكون هناك عودة للدراسة إلا بتوفر اللقاح، ودلالة ذلك باستمرار التعليم عن بعد حتى لو تم التقييم بعد الأسابيع السبعة، أوضح وزير التعليم أن ما يخص موضوع توفر اللقاح وإعطائه للطلاب والمعلمين وجميع منسوبي البيئة المدرسي هو أمر منفصل، كما أن هناك حالة متعلقة بانخفاض مستوى التعرض وتجاوزر مرحلة الإنفلونزا الشتوية وتقليل المخاطر، في حين لا يمكن ربط قرار العودة بشيء يعتبر مجهولا، لذا يجب علينا أن نتكيف ونتعايش مع الوضع الجديد ونقدّر المخاطر المستقبلية التي يمكن أن يتعرض لها المجتمع أو الطلاب وجميع أعضاء الهيئة التدريسية في مختلف البيئات، وبعد ذلك تتم مناقشة الموضوع، وكل ذلك مرتبط بالتقييم المشترك بين وزارات التعليم والصحة والاتصالات وهيئة تقويم التعليم، وبإذن الله سنخرج بما يحقق المصلحة. وفي ما يتعلق بالآلية المعتمدة للتعليم عن بعد، وما يمكن تسميته ب«مدرستي في بيتي»، بدلا من حضور الطالب للمدرسة، أكد وزير التعليم أنه سيتم العمل بنفس الطريقة ولكن من البيت، وكل مدرسة تُفتح مدرسة مناظرة لها عن بعد، وتضم القائد والوكلاء وجميع المعلمين والإداريين، ويستطيع ولي الأمر الدخول، وكذلك الطلاب، ويتم وضع الجدول، ودخول المعلم في وقت الحصة أو الدرس مع طلابه ليشرح لهم ويستخدم ما يتم تزويده به من شرح في قنوات عين الفضائية، ثم يستطيع أن يفتح النقاش مع الطلاب، وأن يعطيهم تقييمات يومية لاختبار نواتج التعلم وما تعلمه الطلاب، وأيضا يعطيهم تقييمات أو واجبات أو اختبارات أسبوعية ليقيم نواتج التعلم خلال الأسبوع. وأضاف آل الشيخ: على وجه الدقة، يحضر الطلاب والمعلمون في المدرسة في وقت واحد، ويقدم الدرس للطلاب ويتم النقاش والتقييم اليومي والأسبوعي، وسيكون هناك تفاعل بين الطالب والمدرس، وهذا هو المطلوب، ويتم إخراج مؤشرات يومية على وقت الدخول ونسبة المشاركة للطلاب والمعلمين في التقييمات والاختبارات، على مستوى المدرسة ثم على مستوى المكتب، ثم مستوى إدارة التعليم بشكل آلي، ولا ننسى في مثل هذه العملية أهمية مشاركة ولي الأمر والأسرة خصوصا للصفوف الأولية ومتابعتهم لما ينجزه ويحصله الطالب، وأيضا الدخول والمشاركة في منصة «مدرستي». وردا على استفسار حول وجوب حضور ولي الأمر مع الطالب وخصوصا لمن هم في الصفوف الأولية، في ظل أن أغلب أولياء الأمور والأمهات سيكونون في أعمالهم ما يضاعف حجم المسؤولية، أفاد وزير التعليم بأن هذا السبب هو ما دفع إلى إقرار بدء اليوم الدراسي للمرحلة الابتدائية في الساعة 3:00 عصرا، «لنضمن على الأقل وجود أحد أطراف الأسرة للمتابعة، وهذا مهم جدا في الصفوف الأولية، إضافة إلى تهيئة مكان في المنزل بالطاولة والكرسي وكأنه فصل، وأن يرتدي الطالب الزي وكأنه في المدرسة، ويبدأ يومه الدراسي بالنشيد الوطني والتمارين الرياضية؛ ليشعر وكأن المدرسة لم تنقطع، بل حضرت لديه في المنزل». واستطرد: «الأسرة دورها مهم جدا، ولا نستطيع ضمان أن كل الأسر ستكون في مستوى واحد، ولكن على الأقل في البدايات يجب أن يشاركوا بفعالية حتى يتعود الطالب؛ فليس من السهولة أن تلزم الطالب بالمكوث أمام جهاز ومتابعة الدرس مع المعلم، إذ إن ذلك يحتاج إلى عملية ضبط وتدريب، وبلا شك ستكون هناك صعوبات، من ضمنها ضعف قدرة تركيز الطالب الصغير لمدة 20 دقيقة على الجهاز، كما أن هناك بعض المهارات تحتاج لأن يقوم شخص بتعليم الطالب». وأوضح الوزير آل الشيخ بقوله: «نحن نطلب من المعلمين والمعلمات الدخول في الفصل الافتراضي، وفي اليوم الواحد سيكون هناك فتح لأكثر من 250 ألف فصل افتراضي، وكل واحد منها يدخل فيه المعلم أو المعلمة مع الطلاب والطالبات لشرح الدروس، كما أن هناك بعض الجوانب أحيانا في الفصل الحقيقي تتطلب من المعلم أو المعلمة التجول بين الطلاب ومطالعة كتابتهم وخطهم وإملائهم والتصحيح لهم، فذلك لا تتهيأ الآن، لذا يجب أن يتم ذلك عبر الأسرة سواء من الأب أو الأم أو الأخ أو الأخت، ولهذا تم إقرار الدراسة المسائية للمرحلة الابتدائية». وبين وزير التعليم أن المعلمين سيحضرون يوما إلى المدرسة للمراجعة مع الطلاب وأولياء أمورهم، وتسليم التكليفات، وإذا لم يتم تسليمها إلكترونيا سيتم تسليمها ورقيا، وكل ذلك من أجل الحرص على تحصيل نواتج تعلم بأعلى مستوى ممكن في ظل الظروف الاستثنائية. وكشف الوزير حمد آل الشيخ أن دخول منصة «مدرستي» سيكون إلزاميا على جميع الطلاب والمعلمين وأعضاء الهيئة التدريسية في كل مدرسة، وإذا كان هناك طالب لا يستطيع الدخول لعدم وجود تغطية مثلا في منطقته، فلدينا 20 قناة تلفزيونية فضائية، 6 منها للابتدائية، وكل قناة تخص صفاً من الصفوف، تبدأ بالنشيد الوطني ثم حصة تربية بدنية، ثم الحصة الأولى، وهكذا إلى نهاية الحصص، ثم تبدأ إعادة بثها إلى يوم الغد، لذا فمن لا تتوفر له القدرة أو المتابعة بإمكانه أن يأتي في وقت لاحق ويتابع الإعادات، كما أن هذه الدروس تتم أرشفتها في قنوات اليوتيوب لمن فاته درس أو حصة ويريد الرجوع إليه في وقت لاحق، أو إذا أراد ولي الأمر أن يراجع الدرس مع ابنه أو ابنته، فبالإمكان في هذه الحالة متابعة هذه الدروس في حالة عدم إمكانية المتابعة عبر منصة «مدرستي». ورداً على اضطرار بعض الأسر لشراء أجهزة لمتابعة الدروس، في ظل أن هناك أسرا ليس لها القدرة على ذلك إذا لم تتوفر لديها الأجهزة، قال وزير التعليم إن هناك نسبة كبيرة جدا من الأسر لديهم أجهزة ذكية، ويستطيعون الدخول من أي جهاز ذكي سواء جوال الأب أو الأم أو الأخت، ونحن لا نحبذ الجوال، بل الأفضل أن يكون الجهاز أكبر من الجوال لتكون الشاشة واضحة للطالب، لكن بخصوص الطلاب الذين لا يملكون القدرة المادية وقد يحتاجون إلى مساعدة، ستوزع مؤسسة تكافل بعض الأجهزة للطلاب الموجودين في قوائمها لمن قدرتهم المالية أقل من زملائهم، كما أن هناك مبادرة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتوفير الأجهزة للأسر الضمانية، ومن لا يستطيع توفير جهاز في كلا الحالات فلديه البث التلفزيوني على «عربسات» ويستطيع ولي الأمر أن يتابع الدروس معه، ويذهب به يوما في الأسبوع ويراجع ويأخذ التكليفات من المدرسة، ويعود الأسبوع القادم لاستلام نتائجها والحصول على التكليفات الجديدة. وأضاف: هؤلاء الطلاب سيتم تقييمهم أسبوعيا بالحضور إلى المدرسة ليوم واحد مع تطبيق الإجراءات الاحترازية، لأخذ التكليفات الأسبوعية وتسليم تكليفات الأسبوع الماضي، لكن هذا ليس على الجميع، فهناك من الطلاب من ستُوفَّر لهم أجهزة إذا كانوا من الطلاب المسجلين في مؤسسة تكافل، كما أن لدينا مبادرات مع مؤسسات المجتمعية لتوفير بعض الأجهزة للطلاب الذين يحتاجون لها. وتعقيبا على تساؤل بخصوص المشكلات التقنية وتعليق الشبكة أو الصفحات، أو في ما يخص الغش، وما دار من جدل كبير حول ذلك، وإمكانية ضمان سير العملية التعليمية عن بعد بشكل سلس دون مشكلات أو انقطاعات، أشار وزير التعليم إن أنه ليس باستطاعة أحد ضمان سير الأمور بشكل سلس، فالاختبار يختلف عن التعليم، إذ إنه محدد بوقت، ولا يمكن إضاعة دقيقة واحدة حتى لو انقطع اتصال الإنترنت، أما في المدرسة فهناك بدائل كثيرة لعملية التعويض، وهناك مدى زمني للمراجعة وتقييم نواتج التعلم للطالب، وتقديم مواد علاجية وإثرائية للطلاب والطالبات. وأكد الوزير حمد آل الشيخ وجود الاختبارات، إضافة إلى التقييمات الأسبوعية، إذ إن الوزارة لديها بنك أسئلة على منصة «مدرستي» يتضمن أكثر من 100 ألف سؤال، وبعضها تتم الإجابة عليها بطريقة آلية، ويستطيع ولي الأمر أن يدخل مع ابنه أو ابنته ويراجع الدرس الذي شرحه المعلم في نفس اليوم ويثبت حضوره كولي أمر ثم بعد ذلك يعطي ابنه الأسئلة ويجاوب عليها ويطالع النتيجة والتصحيح في نفس الوقت. وتجاوبا مع تم تداوله أخيرا بشأن تحويل الكثير من الأسر أبناءها من المدارس الأهلية إلى الحكومية بسبب قرار التعليم عن بعد، وموقف الوزارة من هذا الأمر، صرح وزير التعليم بقوله: "نحن نشجع المدارس الأهلية على أن تقوم بدورها ومسؤوليتها الاجتماعية في تقديم ما يمكن، ولدينا ما يزيد على 2000 مدرسة أهلية قدمت تخفيضات، إما للفصل الدراسي الأول أو قدمت تخفيضات للفصلين، بل بعضها قدمت الدراسة مجانا بالكامل للطلاب في الفصل الأول، ونحن نشجعهم، وننتظر من بقية المدارس أن تقوم بواجبها نحو الطلاب والطالبات والأسر، لأنهم في نهاية المطاف سيخسرون طلابا مسجلين لديهم بعد انتقالهم، كما أن رد المجتمع سيكون إيجابيا، وأتوقع أن تتجاوب جميع المدارس وتقدم مبادراتها في ما يتعلق بالتخفيض، وأن تظل العلاقة ما بين الجميع تشاركية ومسؤولية اجتماعية في ظل ظروف استثنائية. وحول الخطط المستقبلية للوزارة للتعامل مع هذا الوضع، أشار وزير التعليم إلى أن ما تم القيام به في منصة «مدرستي» والمحتوى الكبير جدا داخلها هو جزء من الخطط المستقبلية، «وأنشأنا الآن إدارة عامة للتعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد لتطوير نماذج التعليم في مستقبل الأيام عندما تنجلي هذه الجائحة إن شاء الله، لتطبيقها في المدارس الصغيرة والنائية، بحيث يصبح التطبيق مرنا ونستغله بكل أنواع الاستفادة بما يعود بالجوانب الإيجابية على التعليم والمملكة العربية السعودية».