لكل أزمة جوانب سلبية وإيجابية ودروس مستفادة منها، وجائحة كورونا من الأزمات التي أثرت على العالم بلا استثناء، وكانت لها تداعيات كبيرة على كل مناحي الحياة الاقتصادية والصحية والتعليمية بدون مبالغة. والدروس المستفادة منها تعتبر بكل المعايير متعددة الجوانب وذات أبعاد طويلة، من أبرزها ظهور جيل سعودي يتعامل مع أزمة الأوبئة باقتدار كونها قضية جديدة لم تتعامل معها المملكة بهكذا ضخامة، وتمكن المجتمع باقتدار من الاصطفاف مع الدولة للخروج منها بأمن وصحة، وظهور مخرجات جديدة حيال التعليم عن بعد مع استمرار تداعيات الجائحة. وفي إطار التحوط والاحتراز، اتخذت الدولة قرارا إستراتيجيا هو الأول من نوعه في تاريخ المملكة والمتعلق بآلية العودة للدراسة والتي تنطلق يوم الأحد القادم، لتكون الدراسة عن بُعد في التعليم العام لأول 7 أسابيع، وعن بُعد للمقررات النظرية في الجامعات والتعليم الفني وحضورياً للمقررات العملية. هذه المبادرة رغم كونها احترازية في المقام الأول؛ إلا أنها ستكون تجربة ثرية للتعليم الافتراضي كونه أصبح مطلبا لمختلف صروح التعليم ولم يعد من المقبول الركون لوسائل التعليم التقليدية في ظل هذا الزخم من المعطيات الحضارية في مجال التعليم، وفطنت الدولة بتفكيرها الإستراتيجي لدور التعلم الإلكتروني في تحقيق نقلة نوعية واستغلال آليات التعليم عن بعد، في ما يحقق الإستراتيجيات الموضوعة لخدمة العملية التعليمية. خصوصا أن التعليم الإلكتروني وتقنياته باعتباره خياراً مستقبلياً.. ولقد تابع مجلس الوزراء في جلسته أخيرا الاستعدادات للعام الدراسي الجديد، وما تم اتخاذه في ظل هذه الظروف الاستثنائية بما يحافظ على سلامة الطلاب والطالبات، ويخدم أهداف العملية التعليمية عن بُعد لعمل نقلة نوعية. من جهته، قال الدكتور محمد منشد ستي الخبير في العلوم التقنية التعليمية عن بُعد ورئيس مركز التعليم الإلكتروني في أستراليا إن خطوة المملكة باعتماد التعليم عن بُعد رغم كونها تأتي في ظروف الجائحة إلا أنها ستعتبر تجربة تاريخية ورائدة وستضع إستراتيجية لمستقبل التعليم والتعلم عن بُعد للجيل القادم من الطلاب والمعلمين. وقال الدكتور ستي ل«عكاظ» إن المبادرة استثنائية كونها طبقت في إطار الاحتراز إلا أنها تعكس توجها كبيرا للتعليم عن بُعد في أنظمة مختلفة، وستتغير أدوات ومعايير تخطيط التعليم ومؤسساته في المستقبل وستكون هناك أنماط مختلفة للتعليم عن بُعد.