شدد وزير الصناعة والثروة المعدنية بندر بن إبراهيم الخريف، على جدية رؤية المملكة 2030 في ما يتعلق بالقطاع الصناعي، مؤكدا الديناميكية للعمل على تحقيق الأولويات، وهو ما لمسه من اهتمام كبير من قِبَل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أوضح أن أمامنا مشوارا مهما وأهدافا كبيرة يعول عليها الاقتصاد من خلال قطاعات الصناعة والثروة المعدنية. وتطرق الوزير الخريف، خلال لقاء افتراضي جمعه اليوم (الخميس) برئيس وأعضاء هيئة الصحفيين السعوديين، إلى أنه ومنذ إنشاء الوزارة كان لدى ولي العهد الأمير محمد بن سلمان توجه بوجوب العمل على آلية للتغيير في القطاع الصناعي، مؤكدا أن القطاع الصناعي أمامه تحد كبير بمنافسة القطاعات الأخرى وأن يكون الجاذب الأول للمستثمرين. وأشار الخريف إلى أن القطاع الصناعي في المملكة له مقوماته ومعالمه التي تميزه، ومن أهمها وضعنا كاقتصاد وبلد في الجانب الصناعي والجانب التقني وما يمكن أن تحققه المملكة فيهما، إذ حققت المملكة تنمية صناعية خلال 45 عاما، بُنيت على مقومات تتغير مع متغيرات الاقتصاد، ومنها الثروات الطبيعية كالنفط، وما ينتج عنها من صناعات كيميائية كما في شركة «سابك»، وأيضا شركة «أرامكو» التي تمثل القطاع النفطي ومساهمتها في الصناعات التحويلية المختلفة التي بُنيت بالكثير من القدرات. وأفاد وزير الصناعة بأن رؤية 2030 تتضمن إحداث نقلة نوعية في القطاع الصناعي والتعديني اعتمادا على الثروات الطبيعية، وأن هناك إستراتيجية لدى الوزارة مبنية على عدة عوامل مميزة، هي: الموقع الإستراتيجي للمملكة، والثروات الطبيعية التي تمتلكها، والقدرات المالية المتوفرة، والقدرات البشرية، مشيرا إلى أن الرؤية أخذت في الاعتبار ما يمكن تحقيقه من قبل الوزارة، وذلك بالتعاون مع القطاعات الأخرى، إذ تم تصميم برنامج لتحقيق الأهداف، «ونتبنى في منظومة الصناعة إيجاد مسار جاذب للأفكار، وتحويلها إلى مشاريع». وقال الوزير الخريف: «طموحاتنا كبيرة ومبنية على المزايا النسبية والمقومات والمكونات لدينا، فيما يكمن التحدي الأكبر للقطاع الصناعي في منافسة القطاع للبدائل الاستثمارية الأخرى»، عادّاً هذا التحدي جزءاً من المزايا التي تتمتع بها المملكة، إذ يستطيع أي مستثمر اختيار أي فرص استثمارية لتحقيق عوائد أعلى بمخاطر أقل، مضيفاً: «الهدف الأساسي جعل الاستثمار الصناعي هو الاختيار الأول للمستثمر، وقادرون على بناء بنية تحتية للمدن الصناعية». وتابع: «التحدي الأكبر أيضا هو جعل القطاع الصناعي والتعديني جاذبا للمستثمر، فالمملكة لديها مقومات تمكنها من تبني التوجهات الصناعية، التي من أهمها التركيبة السكانية، إذ تتميز بوجود نسبة كبيرة من الشباب القادرين على التعامل بشكل جيد مع التقنيات، عطفا على قدرة المملكة في الاستثمار وتعظيم الاستفادة منهم، بما يخلق فرصا في الثورة الصناعية الرابعة». وخلال الندوة، عدّ الوزير الخريف أن من المزايا الرئيسية لدينا وجود الشباب والشابات، داعيا إياهم إلى بدء مشاريعهم الصناعية بتكاليف أقل، موضحا «نعمل ليكون لدينا مسار للمستثمر الذي لديه فكرة أو مشروع معين، وخلال السنوات الثلاث الأخيرة كان من السهل على المتابع أن يعي جدية الدولة في تنمية القطاع الصناعي، في ظل الجانب التشريعي المهم، واستقرار الأنظمة، فالمملكة لم تستغل إلا جزءا يسيرا من إمكاناتها التعدينية». وثمن وزير الصناعة والثروة المعدنية إنشاء هيئة التجارة الخارجية، لما لها من دور أساسي في حماية السوق السعودية من الإغراق والممارسات غير العادلة، وتفعيل الاتفاقيات القائمة وكذلك توقيع اتفاقيات جديدة. وأكد الحرص على استغلال الثروات الطبيعية المعدنية، مبينا أن بنك الصادرات له دور محوري في المساهمة بمساعدة المصدّرين لاقتناص الفرص في الأسواق العالمية. وفي ما يتعلق بالمسح الجيولوجي، أكد أن المملكة لم تستثمر في هذا المجال مسبقا، فيما بدأ الآن التخطيط لذلك وتوسيع المسح ليشمل مساحات شاسعة من المملكة بهدف استكشاف الثروات الطبيعية وتعظيم الفائدة منها، إذ سيمكّن ذلك المستثمر من اختيار المنطقة ونوعية المعادن التي يرغب بالاستثمار فيها، معلقا بقوله «نحن نسير في الاتجاه الصحيح». وبين أن من الأشياء الإيجابية في المملكة القدرة على التحرك للوصول للأهداف، وقال إن القيادة تؤمن بأهمية قطاع الصناعة والثروة المعدنية، لذلك جاء القرار بإنشاء وزارة مستقلة تعنى به، وأكد أن أمامنا فرص كبيرة وواعدة نعمل على استغلالها والاستفادة منها، فالمملكة اليوم تعمل على تعظيم فائدة قطاع التعدين، وتم وضع الخطط وتحديث السياسات والتشريعات اللازمة لذلك كموافقة مجلس الوزراء على نظام الاستثمار التعديني الجديد. وكشف أن وزارة الصناعة والثروة المعدنية اُعطيت الفرصة لاختيار النموذج الأنسب للعمل، مطلقا عليها مسمى «وزارة المستقبل» إذ إنها مبنية على الكفاءة والمرونة العالية والتفاعل مع القطاع، وهو ما يتم العمل عليه لأن تكون «وزارة رشيقة» لها دور تشريعي وتنظيمي وإشرافي، مؤكدا أن قطاع الطاقة ممكّن رئيسي للوزارة، وأن المظلة الأكبر هو الحكومة في ظل ما تقدمه من تشريعات لتحقيق الأهداف. وبخصوص ما يتعلق بالإعلام، أكد الوزير بندر الخريف أن دوره أساسي جدا، مستعرضا تجربته السابقة مع إحدى الصحف في ظل تعاقب رؤساء التحرير عليها تسع مرات، مشددا على أن الوزارة بحاجة إلى إعادة الثقة مع الجهات الإعلامية للمساعدة في تحقيق الأهداف، وقال: «المملكة لديها مشروع رائع في التحول الاقتصادي، واليوم بدأنا مرحلة التنفيذ، وكلنا شركا فيها، وبالنسبة لنا نتشرف بسماع أي ملاحظات ومقترحات لأي تصور». بعد ذلك، شهد الاجتماع مداخلة من رئيس هيئة الصحفيين خالد المالك، الذي أشار إلى أنه لا توجد خدمة إعلامية تُعرّف الناس بالصناعات المتعلقة بالوزارة باستثناء شركتي «أرامكو» و«سابك»، مبينا أنه لدينا مقومات صناعية وإمكانات بشرية، ولكن المستثمرين لم يستثمروا أموالهم في المملكة، مشددا على أن حاجاتنا اليومية يجب أن تكون معروفة للناس ومتوفرة. ودعا المالك إلى وجوب طرح مشاريع الوزارة ورؤاها للجميع لتشجيع المواطنين، وعليها أن تكون على تواصل مع الإعلام ليكون الجميع على علم بما تقوم به، إضافة إلى ما تواجهه من تحديات. وتضمنت المداخلات تساؤلا للوزير الخريف حول تطوير الصناعات البترولية، وهل هناك دراسة لتصديرها كمنتجات بدلا من الخام؟، فيما أشارت مداخلة أخرى إلى الاعتماد على الاستثمار في العقار سابقا لأن مكاسبه كبيرة، إلا أنه خرج الآن من قنوات الاستثمار، فهل استثمرت وزارة الصناعة والثروة المعدنية هذا الخروج لتشجيع قيام صناعات الأشياء الضرورية؟. وتطرقت مداخلة أخرى إلى حاجة الوزارة لخطة إعلامية متكاملة، في ظل تأكيد الوزير الخريف إيمانه بالنجاح، وأهمية الانفتاح على الإعلام للحصول على الأخبار أولا بأول. وتفاعلا مع هذه المداخلات، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية أنه في ما يخص الوضع الصناعي في المملكة، فالصناعة السعودية ذات جودة عالية، كما أن هناك مشروعا لدى هيئة الصادرات يحمل اسم «صنع في السعودية» يتم العمل عليه الآن، بمتابعة واهتمام كبير جداً من قبل ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للمشروع، لتحفيز الصناعات الوطنية، وتحفيز المستهلكين للإقبال عليها؛ ليكون هناك ولاء للمنتجات المحلية، مؤكداً «أننا في منظومة الصناعة نعمل على تحفيز الاستثمار الخارجي في القطاع»، مضيفا «نرجو أن يكون الإعلام شريكا لنا في هذا المشوار». وبخصوص توفر المنتجات محليا، أفاد الوزير الخريف بأنه وخلال جائحة فايروس كورونا المستجد، كانت المملكة من أكثر الدول التي توفرت فيها المنتجات الأساسية، «ولم نعانِ مثل كثير من الدول في المنتجات الغذائية والاستهلاكية ومتطلبات الأدوية»، وضرب مثلا بمصانع إنتاج الكمامات إذ انتقلت المصانع من مرحلة إنتاج 600 ألف كمامة يوميا إلى نحو مليوني كمامة، فيما وافق مجلس الوزراء أخيرا على مشروع يتيح إنتاج 10 ملايين كمامة يومياً. وأضاف: «التحدي لدينا أن السوق مفتوح، وهناك قوة شرائية، وبالتالي سنكون سوقا مستهدفا، وهناك برنامج التجمعات الصناعية، يعنى بصناعات محددة وتطوير الاستثمار، ونعمل على تحويله إلى مركز دائم». وكشف أن تعظيم الاستفادة من النفط يمثل هاجسا للحكومة، وهناك مشروع وطني للاستفادة من النفط وخلق الفرص في هذا الجانب، معربا عن تطلعه لأن يتم ضخ الأموال للاستثمار في القطاع الصناعي بدلا من سوق العقار. وقال الخريف إن منظومة الصناعة تتبنى إيجاد مسار جاذب للأفكار وتحويلها إلى مشاريع صناعية، سواء عبر التخطيط وعمل دراسات الجدوى أو توفير التمويل اللازم، مؤكدا أن الدولة تؤمن بالفرص المتاحة في القطاع الصناعي، وولي العهد حريص على تعظيم الفائدة منها وانعكاس أثرها على الاقتصاد الوطني، كما أن الأمير محمد بن سلمان يؤمن بقدرات أبناء وبنات الوطن، ويوجهنا دائما لتمكينهم وتوظيف قدراتهم، بما يعود بالفائدة على المجتمع والاقتصاد الوطني.