أقامت سفارة المملكة العربية السعودية في جمهورية الصين الشعبية اليوم (الثلاثاء) حفل استقبال بمناسبة مرور 30 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وجمهورية الصين، بحضور نائب وزير الخارجية مبعوث الحكومة الصينية الخاص إلى الشرق الأوسط تشاي جون، وعدد من كبار موظفي وزارة الخارجية الصينية، والسفراء العرب المعتمدين لدى بكين، والسفراء السابقين لجمهورية الصين لدى المملكة، ومنسوبي السفارة والملحقين الفنيين، وأهم وسائل الاعلام الصينية. وفي بداية الحفل ألقى سفير خادم الحرمين الشريفين تركي بن محمد الماضي كلمة تطرق فيها إلى ما شهدته العلاقات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية من تطور مطرد خلال الثلاثة عقود الماضية، حيث بنيت هذه العلاقات على مبادئ الصداقة والثقة والمنافع المشتركة، مؤكدا أن العلاقات السعودية الصينية شهدت منذ بدايتها نموا متصاعدا وفق رؤية قيادتي البلدين، اللذين عززا وتبنيا رؤية مشتركة لهذه العلاقات لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين. وأضاف أن ما شهدته العقود الثلاثة الماضية من زيارات متبادلة، وما تخللها من التوقيع على اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين مختلف قطاعات البلدين، أرست قواعد صلبة لتعزيز وتطوير العلاقات في شتى المجالات. ونوه الماضي بأن عام 2016 شهد تحولا إستراتيجيا للعلاقات بين البلدين، عندما زار الرئيس الصيني شي جينبيغ المملكة التقى خلالها بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واتفقا أن البلدين يمتلكان مقومات كبيرة، وإمكانيات متعاظمة تحتم ارتقاء العلاقات بينهما إلى مستوى إستراتيجي عالٍ. وبناء على ذلك، اتفق الزعيمان على بناء شراكة إستراتيجية شاملة بين البلدين لتكون أنموذج مثالي للعلاقات بين الدول. وكانت اللجنة السعودية الصينية المشتركة الرفيعة المستوى واللجان الفرعية التابعة لها، التي عقدت دورتها الثالثة خلال زيارة ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز إلى بكين في فبراير 2019، ولقائه بالرئيس شي جينبيغ، و«هان تشنغ» نائب رئيس مجلس الدولة عضو اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وكبار المسؤولين في جمهورية الصين الصديقة أُس قوي ثابت رسّخ مبادئ الاستراتيجية في العلاقات بين البلدين. وأضاف: يمر العالم هذه الفترة بتحدٍ مؤرق، وعدو مشترك غير طبيعي وهو فايروس كورونا المستجد، الذي غير كثيرا في نمط الحياة المجتمعية، وحركة الاقتصاد العالمي. إلا انه أبرز بشكل جلي أن العالم والمجتمع الدولي بحاجة ماسة لمزيد من التآزر والتعاون والتنسيق، وتبادل الخبرات لما فيه المساعدة في تجاوز هذه الجائحة والعمل على تلافي آثارها الاقتصادية والاجتماعية، وبناء جدار صلب يقي العالم من مثيلاتها، مما يحتم وجود العزيمة الصادقة وتبادل خبرات كما هو واقع الحال بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية. وفي الختام، أكد سفير خادم الحرمين الشريفين تركي الماضي، أن ثلاثة عقود مضت من العلاقات المتنامية والثقة المتبادلة بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية، بنت أساسا راسخا مشتركا لعلاقة متطورة ستمتد لعقود متتالية، كان مصدرها رؤية قيادتي البلدين الثاقبة لبناء الانسان أولا الذي هو بدوره المحرك الأساسي لهذه العلاقات. كما ألقى نائب وزير الخارجية مبعوث الحكومة الصينية الخاص للشرق الأوسط تشاي جون، كلمة أشار فيها إلى ان العلاقات بين جمهورية الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية راسخة جداً، لأنها مبنية على الوضوح والشفافية بين البلدين. مؤكدا عزم بلاده العمل على تنمية علاقاتها بالمملكة العربية السعودية. واستطرد أنه منذ 21 يوليو 1990 وجمهورية الصين الشعبية وضعت في إستراتيجيتها أن المملكة العربية السعودية هي الشريك الأساسي لبلاده في المنطقة، وذلك يعود إلى مكانة المملكة وتأثيرها السياسي والاقتصادي الكبير الإقليمي والدولي. وأضاف: عندما تتصف الدولة بالاستقرار السياسي والمكانة الاقتصادية والتأثير الإيجابي في محيطها، الذي بدوره يمتد ليشغل مكانه الدولي نظرا لأن هذا التأثير نابع من ثوابت أساسية للدولة فإن جمهورية الصين، ترى حتمية إقامة علاقة قوية متنامية معها، وكل هذه الصفات والمقومات وغيرها موجودة في المملكة العربية السعودية. لذلك، نحن نطمع في بناء مستقبل متنامي لعلاقاتنا بالسعودية. إن الثقة المتبادلة، والصداقة القوية بين الرئيس شي جينبيغ وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، هي المحفز القوى لارتقاء العلاقات الصينية السعودية لمستوى إستراتيجي شامل. فالزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين والمسؤولين رفيعي المستوى، وما ينتج عنها من اتفاقيات وتوافقات في مجالات مختلفة، إنما هي دليل ساطع على هذه العلاقة. وإننا الآن نعمل مع أصدقائنا في المملكة على زيادة نمو علاقاتنا لتصل إلى مستويات أكبر، مؤكدا أن مواقف المملكة الثابتة تجاه القضايا الدولية والمبادئ العادلة منها مبدأ (صين واحدة)، أحد أهم أسس تعزيز علاقات الصين بالمملكة. وقال: المملكة العربية السعودية هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط ضمن مجموعة العشرين، وهي عنصر الاستقرار المؤثر في منظمة أوبك لتصدير النفط الذي هو المحرك الأساسي لنمو الاقتصاد الدولي، وهذا يبين مكانة المملكة وأهميتها الدولية. لذلك يعمل البلدان بتوافق واضح نحو تنسيق مواقفهما، والاضطلاع بدورهما الإيجابي تجاه المشاركة الفاعلة في إحلال الاستقرار الدولي بشقيه المتلازمين الاقتصادي والسياسي. وتابع: اجتاح فايروس كورونا العالم، وقد عانت الصين خلال فترة انتشاره بها من نقص بعض المستلزمات والأدوات الصحية الضرورية لمكافحة انتشار الفايروس، وكانت المملكة العربية السعودية من أوائل الدول التي بادرت بتقديم مساعداتها للصين، وقوبلت هذه المساعدات بتقدير عالٍ على المستويين الرسمي والشعبي في الصين، وأكدت المثل العربي الشهير «الصديق وقت الضيق». واختتم نائب وزير الخارجية الصيني كلمته، بأن مستقبل العلاقات الصينية السعودية يتجه نحو الازدهار الذي أُسس على مبادئ راسخة مبنية على الثقة المتبادلة، والعمل المستمر لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.