يواجه العالم أزمة جائحة فايروس كورونا بكافة مؤسسات الدول والمنظمات الدولية. إلا أن معيار الوقت يصعّب المهمة والفايروس يزداد شراسة كلما زاد انتشاره. فقد اجتهدت معظم الدول في تسخير الجهود وتكثيف الموارد البشرية والمالية في رفع مستوى الخدمات الطبية الطارئة والعناية المكثفة، بل منهم من ذهب لأبعد من ذلك وأقام مستشفيات ميدانية، معتبرين أن الحالة لحظية ويمكن معالجتها لحظيا. علما أن الزيادة في الخدمات العلاجية لا تحقق قيمة إضافية فقد يكون مريض الأمس هو مريض اليوم. ومع الوقت وتزايد عدد الحالات سيكون الاحتياج السريري أعلى بكثير من المتوفر وتصبح العناية الطبية التي تهدف لإنقاذ حياة مريض هي العثرة في علاج مرضى آخرين، ولا يستبعد أن يكون هناك نقص في المواد الاستهلاكية الطبية لكثرة الطلب وشح العرض من الدول المصنعة والتي تحتاج أيضا لمستهلكاتها الطبية. وما الفائدة المرجوة إذا كان المريض بعد شفائه سيعود في آخر الطابور؟. وتعزيز الإجراءات الوقائية هو المعيار الأول لمواجهة الجائحة، وأي اجتهاد في غير ذلك يعتبر هدرا ماليا وبشريا وضياعا للوقت الثمين. ولأن نهاية هذه المرحلة بعيدة التنبؤات فيجب عليهم العمل على دراسة فلسفية ترتكز على أمرين: الأول: ابتكار طرق حديثة للتعايش والعمل والإنتاج بأقل القيود في إطار الوقاية، فطول الأمد في المنع الوقائي لن تتحمله مقدرات الدول وأصحاب الدخل المحدود بخدمة أو حرفة. الثاني: وجود تصور لأنماط الحياة وتحسين جودتها ما بعد الأزمة وعودة الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وتحوير الفرص الاستثمارية التي نشأت في ظروف تلك الأزمة بما يتناسب مع المستقبل. أخيراً.. إن سوابق النظر البعيد لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين كان له بيرق في رأسه شعلة أضاءت العالم لتبدد ظلام هذه الجائحة في إجراءات احترازية على جميع الأصعدة يتعلم منها دول الشرق والغرب، وتحملت المملكة مسؤولياتها الدولية بما يناسب مكانتها السامية في الاهتمام بالإنسان، وأضحت تتلقى الشكر والإشادة من كافة الدول والمنظمات على خطواتها الاستباقية وإجراءاتها الجريئة في مكافحة فايروس كورونا.