ما زلنا في الحجر الذي مكن القنوات الفضائية من اعتقالنا قهراً، فاستسلمنا لما تبث من غثاء. ولو قيل بيدك (الريموت) فحال كل قناة عليل. ولو أردنا اتباع القاعدة الاقتصادية القديمة في الإرخاص (والتي تنسب لعمر بن الخطاب وأيضاً تنسب لإبراهيم بن أدهم) عندما اشتكى الناس من غلاء شراء اللحم، فكانت الإجابة: - ارخصوه. وهذه الكلمة تعني لا تشتروا لحماً فيرخص سعره. - وتطبيق هذه القاعدة على البرامج الرمضانية يمكن لها أن تعطي نتيجة لكن هذا ليس هو الحل، فالأمر متعلق بتداخل مستويات مختلفة من التغذية الثقافية، ووسائل نقل تلك الثقافة، إلا أن المرتكز الحقيقي لما نعيشه هو عملية الاستهلاك والمبثوثة في ثنايا الأشياء من أعلى القمة إلى أطراف كل منشط في الحياة، هذه الفلسفة فصل توغلها الدكتور الان دونو في كتابه (نظام التفاهة). - العالم مجتمعاً يستهلك وينتج التفاهة، ولأن الفنون هي الحائط الصلب لمواجهة أي تردٍّ تم اختطافها من قبل رأس المال في عملية اقتصادية متداخلة أفضت إلى ارتهان كل الفنون على الإنتاج الذي ولدت من رحمه مقولة: - الجمهور عايز كذا. - وتتبع جملة (الجمهور عايز كذا) ستجد أن صناع التفاهة أحكموا المقابض على أبواب كل حقول الفن، ويكون المنتج هو المسيطر في الحضور والإلغاء، فهو يبحث عن المعلن، والمعلن يبحث عن كثافة أعداد المشاهدين، والمشاهدون مستهلكون لأي شيء، وكلما كان المنتج تافهاً حظي بقبول أعداد وفيرة من الاستهلاك. - القضية هي متوالية من الأمور المركبة بعضها فوق بعض أشبه بأهزوجة (يا طالع الشجرة). [email protected]