كانت كلمة وزير الصحة يوم قبل أمس مواجهة صريحة جاءت في وقتها لتقرع جرس الخطر بقوة وتضع الجميع أمام مسؤوليتهم في لحظة تأريخية حاسمة، وللذين كانوا يشككون في شفافية المعلومات التي تقدمها وزارة الصحة، ها أنتم أمام الحقائق الصادمة التي لا يمكن تجاهلها أو التقليل من أهميتها أو التنصل من تحمل مسؤوليتها وتبعاتها. إستراتيجية مواجهة الوباء إلى الآن ممتازة وفعالة، والإمكانات جيدة ودعم الدولة للقطاع الصحي كبير، ولكن كل ذلك لن يكون ضامناً لعدم الدخول في مأزق مخيف إذا استمر عدم الالتزام بالتعليمات. الوزير قدم حقائق مبنية على نتائج دراسات علمية لا يصح الاستخفاف بها، تفيد بأنه إذا استمر عدم الالتزام فإن عدد الإصابات قد يصل إلى 200 ألف وربما أكثر، وعندها نحن مهددون بانهيار القطاع الصحي، وصعوبة توفير الأجهزة والمستلزمات الطبية لعدم توفر معروض كاف في العالم. عدد الأسرة المتوفرة حالياً حوالى 80 ألفاً، ويجب ألا ننسى وجود مرضى آخرين غير مصابي كورونا يحتاجون إلى نسبة من تلك الأسرة ومن الخدمات الطبية، ومهما اجتهدنا وسارعنا في إضافة أسرة فلن يكون عددها كافياً ولن تتوفر كوادر صحية تغطيها. نحن إذاً أمام الحقيقة التي لا يمكن التهرب من مواجهتها وهي أننا كمجتمع من بيدنا إلى الآن كبح جماح الوباء أو السماح له بافتراسنا. لا يوجد لقاح ولن يتم التوصل له قريباً، ولا يوجد عقار محدد لهذا الفيروس الذي ما زال في أوج نشاطه، كل ما يملكه البشر إلى الآن هو الوقاية والاحتماء منه، لكننا نتعامل بلا مسؤولية متناهية مع هذا المطلب الفارق بين الحياة والموت الجماعي، وإلا ماذا يعني أن الحركة المرورية لا تقل عن 46 %عن الأيام الاعتيادية، وأن نسبة تقليل المخالطة لم تصل إلى نصف ما تستهدفه الإجراءات التي اتخذتها الجهات الرسمية. من كل ذلك يتضح للأسف أنه لم يعد ممكناً التعويل على الوعي بخطورة الأمر والالتزام الذاتي بالتعليمات، ونحتاج من الدولة فرض ما تراه ضامناً بعد الله من إجراءات وقرارات لتقليص احتمالات الوصول إلى وضع أسوأ. [email protected]