العالم المهلوع من تفشي وباء كورونا غريقٌ ليس له إلا التعلق بقشة الآمال الرائجة من كل أقطاب الأرض عن لقاح للمرض يحرره من كابوس «كوفيد 19» الذي جثم على صدور البشرية بأكملها في الأشهر الماضية. وعلى أن حرب الاتهامات ما بين الدولتين العظمى الصينوأمريكا قد استعرت على عدة أصعدة منذ مدة، وأصابت العالم بالقلق جراء تداعياتها المحتملة، إلا أن حرباً واحدة بينهما فقط ستكون تداعياتها على أية حال مبهجة للجميع بما فيها طرفا الصراع نفسه، وهي حرب اللقاح المستعرة لعلاج كورونا. فبينما أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية أنها جربت جرعة لقاح لعلاج المرض على متطوعة مستبشرة بنتائجه، أقرت الصين إجراء التجارب السريرية على أول «لقاح» يتم تطويره لمكافحة فايروس كورونا الجديد، وذلك بعد أقل من 24 ساعة. في سباق ملتهب نحو المخلص الحقيقي للعالم من شرور كورونا، وسط ترقب غير مسبوق وفي ظل الحديث عن نظريات تآمرية تتقاذفها جهات عدة لأهداف مجهولة ومحل شك متكرر، تأتي هذه الحرب الصينيةالأمريكية على اختراع اللقاح، في وقت قالت فيه فرنسا إن التوصل إلى لقاح نهائي بعد تجريبه قد يتطلب نحو 6 أشهر على الأقل. وأضافت تقارير صينية أن فريق الباحثين الذي يعمل على التجارب يقوده الدكتور تشين واي، من أكاديمية العلوم الطبية العسكرية في الصين، وأجازت الحكومة إجراء التجارب السريرية على أول لقاح تطوره لمحاربة فايروس كورونا. ونقلت وكالة «فرانس برس» (الأربعاء) أن مجموعة سانوفي الدوائية الفرنسية ستعرض دواء بلاكنيل المضاد للملاريا لمعالجة 300 ألف مصاب بفايروس كورونا بعد أن برهن على نتائج «واعدة» في معالجة مرضى بفايروس كورونا المستجدّ، وبالتالي فهي مستعدّة لأن تقدّم إلى السلطات الفرنسية ملايين الجرعات منه. وقال متحدّث باسم المجموعة لوكالة «فرانس برس» إنه على ضوء النتائج المشجّعة لدراسة أجرتها على هذا الدواء فإن «سانوفي تتعهد بوضع دوائها في متناول فرنسا وتقديم ملايين الجرعات، وهي كمية يمكن أن تتيح معالجة 300 ألف مريض»، مشدّداً في الوقت نفسه على أن المجموعة مستعدة للتعاون مع السلطات الفرنسية «لتأكيد هذه النتائج». وأعلنت إيطاليا دواء جاهزا للقضاء على كورونا، بحسب وكالة «أنسا» الإيطالية، التي قالت إنه تم تطوير أول عقار يهاجم فايروس كورونا، يقوم على جسم مضاد أحادي النسيلة، ويفيد بالتعرف على البروتين الذي يستخدمه الفايروس لمهاجمة خلايا جهاز التنفس. وذكرت الوكالة الإيطالية أن البحث نشر على موقع «BioRxiv» من قبل فريق بجامعة أوتريخت الهولندية برئاسة الباحث شونيان وانغ. وقال الباحثون لهيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» إن الأمر سيستغرق شهورا قبل أن يتوفر الدواء لأنه سيتعين اختباره للحصول على إجابات بشأن مدى سلامته وفعاليته. وأكد الباحثون أن الدراسات لا تزال جارية، وأنه يجب أن يخضع الجسم المضاد لاختبارات صارمة للغاية، بحسب موقع «روسيا اليوم». وفيما تتباهى أمريكا باقترابها من علاج كورونا، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إن بلاده لن تسمح بشراء أبحاث حصرية ألمانية حول لقاح لفايروس كورونا المستجد، مؤكدًا أن باحثين ألمان يقومون بدور رئيسي في تطوير لقاحات لمواجهة الفايروس. ولم يسم هايكو ماس الجهات التي تسعى للحصول على تلك الأبحاث بشكل حصري، لكنه ربما يشير إلى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، حيث أعلن وزير الداخلية الألماني، في وقت سابق، أن هناك عرضاً من الرئيس الأمريكي بشأن ذلك. هذا الحراك الصاخب والتنافس بين دول كبرى مثل الصينوأمريكا، ثم فرنسا وألمانيا وإيطاليا، يثير تفاؤل الكثيرين لكنه محفوف بشكوك كبيرة ومخاوف بأنه ليس إلا «بيعا للوهم» أو «مقامرات انتخابية» أو حتى متاجرة بأوجاع ضحايا الفايروس المنتشر. ووسط كل هذا، تبقى مخابر علم الفايروسات وصناعة الأدوية في مختلف العواصم في مونديال ساخن للتوصل إلى لقاح مضاد لفايروس كورونا، خصوصا بين الصينوالولاياتالمتحدة، فهل ينجح أحدها في نيل امتنان الكوكب لإنقاذه ملايين البشر من وباء «كوفيد 19».