فايروس«كورونا» لم تقتصر ضحاياه على غرف العزل، إذ توسعت دائرة الوساوس لتطال البعض، عقلاء ومجانين ومضادات، حتى أن من يشعر ببوادر نزلة برد اعتيادية، وارتفاع كلاسيكي في درجة الحرارة؛ تحاصره الشكوك. تقول الطبيبة السعودية نور الجرباء في تقرير نشرته «عكاظ» إن شابا يقطن بمفرده في شقة، استيقظ على وقع حمى مرتفعة، فسلم نفسه إلى المستشفى متوجسا من الكورونا، وطلب محادثة والدته ربما للمرة الأخيرة، واتضح أن ما أصاب الشاب مجرد تسمم غذائي من وجبه جلبها من مطعم في الحي الذي يقطنه! حالة الفايروس في العالمين العربي والإسلامي، تمددت شظاياها إلى محطات غرائبية هي أقرب إلى الجنون، ليثمر ما يمكن أن يطلق عليهم «مجانين ومضادات الكورونا»، لا تستدعي أوضاعهم النقل إلى غرف العزل.. بل إلى المصحة النفسية. في مصر دفعت أسرة ثمن وساوس الفايروس، بعدما استخدم أفرادها كمية مفرطة من المطهرات والمعقمات. وفي تضاد جلي مع الحادثة المأساوية، أثارت المطربة المصرية ساندي الجدل، بعد ظهورها في برنامج تلفزيوني مخصص للتوعية، وهي تعرض على المشاهدات أفضل طريقة لتزيين الكمامات والقفازات لتتلاءم مع فتيات الأناقة. نجم الكرة السعودي المعتزل سعيد العويران لم يشأ أن تفوته حفلة الكورونا، وظهر في مقطع مرئي متداول وهو يحلق شعره على «الزيرو»، عقب قرار الحكومة السعودية إغلاق صوالين الحلاقة، واتجاه كثير من المشعرين إلى استدعاء الحلاقين «الديلفري» في البيوت، وبرغم وضوح رسالة العويران، فإن بعض خصومه اعتبروا المقطع محاولة منه لاستعادة الأضواء التي خفتت عنه بعد هدفه الشهير في كأس العالم في تسعينيات القرن الماضي! ولم يغب مشاهير السودان ولبنان عن حلبة الصراع في حصد أكبر عدد من المتابعين، وتبارى الداعية مصطفى عبدالقادر، والمطربة نجوى كرم في ميدان الكورونا، إذ خطب الأول في أحد مساجد الخرطوم مستخفا بالوباء، داعيا مستمعيه إلى مخالفة تعليمات الحظر، ساخرا من الكمامات والقفازات، أما المطربة الجبلية «البيروتية» فقد أغضبت مواطنيها بتصريحات تلفزيونية قالت فيها «عندنا مناعة.. وزبالة في البلد تقتل كل البكتيريا الجاية من الخارج»، ولاحتواء الغضب سارعت إلى تقديم مقاطع إرشادية عن المكافحة وفوائد الماسكات والقفازات. وبالعودة إلى السودان أثار بائع مانجو جدلا واسعا حين ادعى في مقطع مرئي أن الكورونا كذبة كبرى، وأن أفضل علاج له تناول ثمرته على الريق. الذي حدث في إيران مثّل أعلى درجات الجنون والغرائبية، إذ اتخذت السلطات قرارا بمنع الطلاق حتى نهاية العام الجاري، في إطار مكافحة انتشار فايروس كورونا «حتى لا يضطر الزوجان للحضور بموجب الإجراءات المتبعة لإتمام عملية التطليق».. هل توقف الإيرانيون عند هذا الحد؟ «مات 27 شخصا تسمما بمادة الميثانول، بعد انتشار شائعات بأن تناول الكحول يساعد في الشفاء من الفايروس».. لو تعاملت طهران بشفافية وأعلنت حالاتها قبل الكارثة، وامتنعت عن تصدير الفايروس، لما احتاج مصابوها للكحول بلسما ولقاحا للمرض. وعلى صعيد موازٍ للحالة الإيرانية والاتجار بالأزمة، منعت مليشيات «الحوثي» دخول المسافرين إلى المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، وجرى احتجازهم في العراء دون مأوى، بحجة مكافحة كورونا. لم يفوّت «حزب الله» حفلة الاتجار بالفايروس، بعد احتجاز سيدة عائدة من إيران مصابة به، وهاجم أنصار الحزب من اتهموا طهران بتصدير المرض إلى لبنان، قبل أن تخرج المصابة في تسجيل صوتي مؤكدة بقاءها 6 أشهر في «قم».