ضربت المملكة العربية السعودية النموذج الأمثل في طريقة التعاطي مع الجائحة العالمية «كوفيد - 19»، عبر مسارين مهمين بكل حكمة وعقل وشجاعة؛ تمثلّا في الخطوات الاستباقية ابتداراً، والمعالجات الفورية للحالات المسجلة داخل المملكة بأقصى درجات الحيطة والحذر والاحتراز متكبدة الخسائر المالية لسلامة شعبها وأراضيها، وكلا المسارين اتسم بروح المسؤولية والابتكار في التعاطي، والاتساق مع الخطوات العالمية الساعية نحو محاصرة هذا الوباء، بعيداً عن المزايدات السياسية، والاستغلال المفخخ لهذه الجائحة الخطيرة، خلافاً لما قامت به بعض الدول، وبالذات إيران. فعلى مستوى الخطوات الاستباقية، أعطت المملكة النموذج في تبكيرها بإغلاق حدودها، وتعطيل إصدار تأشيرات السياحة والعمرة وتعليق الطواف ومنع الرحلات الدولية وتعليق دوام الموظفين وإغلاق الأسواق والمولات، وإصدار التنبيهات والتوجيهات والتعليمات الصحية الكفيلة بمنع انتشار المرض وفشوّه بين الناس، وغير ذلك من الخطوات الأخرى، التي أشاد بها العالم أجمع، ووجد فيها الأسوة والمثال للتطبيق، فجاءت خطوات الدول الأخرى مستشفة من خطوات المملكة في هذا المنحى، فكان استباقها مرجعاً لها، وصنيعها نموذجاً سارت عليه. أما على مستوى المسار الآخر، والمتمثل في معالجات الحالات المسجلة، فأوّل ما يُحمد للمملكة أنها كانت شفافة وواضحة في الإعلان عن عدد الحالات التي سجلتها، بما أسهم بشكل كبير وواضح في محاصرة الوباء، وتحجيم انتشاره، وهي شفافية نبعت من روح المسؤولية الأخلاقية التي تتمتع بها قيادة المملكة، وحرصها على سلامة الجميع، على خلاف ما بدا عليه الحال عند النظام الإيراني، الذي آثر استغلال هذا الظرف الحرج بالتكتم على حالات الإصابة وسمح للمصابين بالتحرك والتنقل بحرية، ونتيجة لهذا الفعل الأهوج انتقل الوباء إلى دول الجوار، حيث كان مبتدأ دخوله إلينا عبر بوابة إيران، وهو سلوك مهما أحسنا النية والطوية فلن نجد له مخرجاً يبعده من دائرة الاتهام بقصد الإيذاء، وتوسيع نطاق الوباء في دول الجوار، وإلا فما كان أيسر عليهم أن يتخذوا ذات الخطوات العملية البسيطة بمنع التنقل، ومحاصرة المصابين ومخالطيهم في حدود جغرافية ضيّقة بحيث تتم معالجتهم عبر مراكز الحجر الصحي المُعدة لذلك.. ولكن شيئاً من ذلك لم يحدث، بما يعضّد من فرضية جنوحه نحو (العدوان البيولوجي) على جيرانه من الدول العربية. اتخذت المملكة العربية السعودية خطوات عاجلة وسريعة وحاسمة في التعامل مع كل الحالات المسجلة، وأنشأت وزارة الصحة في خطوات عملية تُشكر عليها لجنة لمتابعة كورونا المُستجد في كل مدن المملكة، فكان ثمرة ذلك ما نشهده من تحجيم لانتشار المرض في أرضنا الحبيبة، ووطنا الغالي، قياساً بما نشهده في كل دول العالم، فما زال دأب المملكة مع هذا الوباء الشفافية المُطلقة والمعالجة الحاسمة، والتوعية المستمرة. خطوات مميزة في محاصرة المرض وقرارات حكيمة واثقة فيها احتراز ووقاية استباقية اتحدت فيها كافة الأجهزة المعنية لتؤكد أن سلامة المواطن والمقيم هي أولوية قصوى لهذه القيادة الحكيمة، وإن كانت هناك بعض الأصوات النشاز التي أرادت أن تظهر بمظهر المخالف، وأن معتقداتهم وغلوهم قد تمنع عنهم كورونا، معرّضين حياتهم وأسرهم وغيرهم للخطر مُصرّين على أداء صلواتهم في المساجد والتجمعات والزيارات، مما يدل على انعدام روح المسؤولية والاستهتار والافتئات على التوجيهات، وآخرون جعلوا من هذا الوباء عذابا من الله لبعدنا عنه كأنهم اطلعوا على الغيب. صفوةُ القول؛ إن هذه الجائحة العالمية أظهرت معدن المملكة ومكانتها، وقدرتها على التعاطي مع الأوبئة العالمية بروح المسؤولية العالية، والنظر في كل الاتجاهات والاحتمالات الممكنة، وإصدار التوجيهات اللازمة للحد منها، ولشد ما أعجبني ما قامت به مؤسسة النقد بالحظر على كافة الأموال الواردة من الخارج، طالما بقي تداول النقود واحداً من وسائل انتقال المرض، وهي خطوة لم أجد لها نظيراً في بقية دول العالم، بما يُشير إلى بُعد النظر السعودي، ومقدار الحِرص والوعي الذي تتمتّع به قيادته الرشيدة. حفظ الله الجميع وأدام أمنك وعِزّك يا وطن. * كاتب سعودي [email protected]