لم يصدق ما رأت عيناه، شعر بصدمة لم يشعر بها من قبل، تناول الصحيفة التي نشرت مقالاً تحت مسمى ميثولوجيا سياسية، تلك الصحيفة التي بقيت على الدوام تطارد أوهام دويلته المارقة، وتدفنها في مهدها، قرأ مقال «انقلاب»، تصاعدت الدماء في عروقه، شعر بدنو أجله، كيف يكون رئيس استخبارات وتستطيع كاتبة تفصيل لقائه مع رئيس الموساد الإسرائيلي، معقول؟ هل هو مخترق لهذه الدرجة؟! طلب عبدالله الخليفي، نائب رئيس جهاز أمن الدويلة، وقال له أن يحضر فوراً، طلب منه قراءة المقال، فقال الخليفي: من لم يقرأه منذ الفجر؟ فتفاجأ المسند أنه آخر من يعلم. قال: كيف؟، فأجاب الخليفي: «أونلاين. وقد تعالى الهمس حولك وقد يصدر قراراً بشأنك قريباً، هذا ما سمعته..!» انهار المسند، طلب من الخليفي المساعدة، وهو يعلم أن الخليفي يتمنى إزاحته من المشهد. ليحل محله، فقال: بإمكاني مساعدتك بطريقة واحدة فقط، أن تطلب السقطري مدير القناة، وسيجد لك حلاً، فقال المسند: اطلب السقطري وليحضر فوراً. السقطري كان يعلم أنه سيتم طلبه لمثل هذه المهمة، لا يمكن الاستغناء عنه، اعتاد على ذلك فابتسم ابتسامته الخبيثة وهو يدخل غرفة اجتماعات الاستخبارات، سلم وجلس، فقال المسند: من هذه الكاتبة يا سقطري؟ تفاجأ السقطري وراح يتلعثم، قال س س.. سعودية... أو إماراتية، لست متأكداً! فقال الخليفي: معلوماتنا تشير إلى أنها ليست سعودية ولا إماراتية، لكننا غير متأكدين أيضاً، فوقف المسند وهو يقول: معقول: أمن الدولة وإعلامها لا يستطيعون تحديد جنسية كاتبة صحفية، عليكم اللعنة، فقال السقطري: ما يهمك جنسيتها، قد مررنا بهذا الأمر عشرات المرات، المهم ماذا تريد أن تفعل بها فنحن جاهزون؟ جلس المسند، لم يعجبه الكلام، سأل السقطري: هل لديك خطة؟ فأجاب السقطري: «إيه.. إيه.. أنا رأيي نقول إنها إماراتية.. ونهاجمها من هذا الباب، هذه أفضل طريقة». فقال الخليفي: هذا كلام فارغ، هل أنتم أطفال، كيف ستفعلون ذلك، في حال نفيها أو نفي الإمارات؟ لماذا لا تستخدم عقلك قليلاً؟ شعر السقطري بالخوف، كان فاشلاً في كل خططه الإعلامية السابقة، لكنه تشجع وقال: رأيي أن نضع خطة لمقالها القادم، ونرصد تغريداتها عبر تويتر، ونجهز كل من لدينا من جيوشنا الإلكترونية، ومذيعي القناة والكتاب والمراسلين والإداريين والأصدقاء، ويعمل الجميع في ساعة الصفر، لمهاجمتها ومهاجمة الإمارات والسعودية في آن معاً، عند أول مقال أو تغريدة تطلقها؟ شعر المسند بالارتياح قليلاً، لكنه سأل: ولماذا لا نهاجمها الآن؟، فقال السقطري: الآن خطأ، لأن الجميع سيعرف أن ذلك قد كان بسبب مقال «انقلاب»، دعها لي، لدي مغردون مختبئون في حسابات سعودية تستطيع إنهاكها، 15 ألف حساب تويتر، ينتظرون ساعة الصفر، وسأرسل لك عبر واتس أب، وسيصدر القرار منك للتحرك، ما رأيك؟ فقال المسند: اتفقنا، ومد يده لمصافحة المتآمرين. * روائية وباحثة سياسية [email protected]