لم يعد العالم منغلقا على نفسه.. تحميه حدود إقليمية وفراغات عبر الأثير.. ولعل الفاجعة الكبيرة كورونا قد أظهرت بما لا يدعو مجالا للشك أن العالم لم يعد دولا وإنما قرية واحدة.. وأصبح متماسكا كالجسد الواحد وما يصيب دولة ما في الشرق أو الغرب يصيب باقي الدول. ولم تعد الفايروسات «معزولة» جغرافيا بنطاق الدول.. وتأتي فاجعة كورونا التي أصابت الصين أكبر كيان اقتصادي بالعالم في مكمن بالغ.. إذ أصبح الاقتصاد ينزف ومعه اقتصاديات العالم بمئات المليارات إثر هذه الفاجعة التي ألمت به.. والتي ترتب عليها وقف السياحة من وإلى الصين.. وأصبحت الصين مصابة بشلل بالغ في اقتصادها.. وفي مناطقها السياحية.. والأسواق الصينية تغلق على تراجع بأكثر من 7% لأدنى مستوى منذ 2015 وخسائر أسواق الأسهم تتجاوز 400 مليار دولار.. كل ذلك يأتي كردة فعل وكسياج حصين للسيطرة على الفايروس.. وكي لا يصل إلى العالم.. ومع ذلك فقد شاءت إرادة الله أن يتسرب من بين أنامل الأطباء والممرضات.. لأنه عندما ظهر الفايروس في مدينة ووهان الصينية «فرضت السلطات تعتيما.. واعتبرت الأمر مشكلة معزولة.. لتعترف لاحقا بعد كشف وسائل إعلام بهونغ كونغ أن الإصابات امتدت خارج ووهان.. ليرعب فايروس كورونا العالم.. ووصف أحد الكُتاب انتشار الفايروس بأنه «عولمة الفايروسات» نتيجة تيسّر وسائل الانتقال بين البلاد.. وبالتالي سهولة انتقال الفايروسات.. إن مسؤولية مواجهة الفايروس مسؤولية جماعية. العالم وحرب الفايروسات: لم يعد بعيدا أن تلجأ الدول الكبرى إلى بسط نفوذها وتتغلغل في خصوصيات الدول المنافسة دون أن تطلق رصاصة أو صاروخا.. وهذه هي الحرب القادمة كما يزعم كبار القادة والمفكرين.. فالحرب البيولوجية لم تعد قاصرة على اختراق الحاسبات الآلية وإصابة برامج الدول الكبرى في مكمن (القرصنة الإلكترونية).. وهنا فإن العالم أصبح يعيش تحت ضغوط كبيرة.. قد جاء التغلغل عبر أجهزة الحاسوب أمرا ليس مستحيلا.. بل أثبتت البراهين على أن صغار الإنسانية قد تسلل لواذا لواذا.. ولا يكتفي بسرقة المعلومات.. وإنما يعطل مسار الخطط التي يعمل المخططون جاهدين على إحاطتها بالسرية التامة وعبثا يحاولون. السعودية واسترجاع مواطنيها: أما في السعودية، فقد قامت وزارة الصحة بالعديد من الإجراءات الاحترازية المشدّدة للتصدي لفايروس كورونا الجديد وقامت بتعزيز إجراءات الرصد والمراقبة لهذا المرض في منافذ الدخول للمملكة.. ولم تكتف السعودية بالبيانات وإنما مارست الفعل.. إذ أرسلت طائرة خاصة تقل عشرة من طلابها السعوديين.. وتمّ (بحمد الله) إجلاء الطلاب السعوديين من مدينة ووهان الصينية.. ووصلوا إلى وطنهم بخير وعافية.. وقد بذلت سفارتنا جهوداً كبيرة في سبيل تأمين إخراج مواطنينا من المنطقة الموبوءة بمساعدة مشكورة من السلطات الصينية.. وقد تمّ نقل الطلاب برفقة طواقم طبية متخصصة.. إلى سكن مناسب تمّ تجهيزه بالكامل لهم.. تتوافر به العناية الطبية الكاملة.. وسيتم عزلهم احتياطياً لمدة أسبوعين.. حتى يتم التأكّد من سلامتهم وإجراء جميع الفحوص المخبرية لهم.. للاطمئنان عليهم. الآثار السلبية لكورونا: لقد كان باعث القلق والخوف أكبر من الواقع ومن حقيقة الأمر.. لكن هذه هي الحياة.. لقد تكبدت شركات الطيران خسائر فادحة.. وكذلك بالنسبة للشركات السياحية.. وتأتي الصين في مقدمة الذين تكسرت تحتهم وسائل الدفاع والخروج من هذه الأزمة.. ونظرة متأنية تجعلنا نوحد الخالق رب هذا الكون ومليكه.. فقد جاء هذا الفايروس ليبث الرعب والخوف في سماء البشرية عامة.. وصدق الله العظيم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)، وحسبي الله ونعم الوكيل. * كاتب سعودي [email protected]