إثر الهجمات المغرضة التي تعرض لها قضاؤنا العادل من بعض اللبنانيين، تمنيت للحظة أن نشهد جريمة بشعة هناك تشغل الرأي العام العربي، وهذا ليس من باب التشفي (لا سمح الله)، وإنما لنرى كيف ستتعامل جهات التحقيق والقضاء اللبناني معها، توقعت أن هناك خططا خارقة لم أكن قد تعلمتها في مقاعد الدراسة الجامعية، وأن هناك إجراءات صارمة لم أشهدها طوال مسيرتي الممتدة لعقدين بالمحاماة والاستشارات القانونية، توقعت أن المجرم مهما بلغ دهاؤه وخبثه في إخفاء معالم الجريمة أو تحويرها سيكون صيدا سهلا أمام فطنة وصرامة المحققين، توقعت أننا أمام محاضرة قانونية تراجيدية قبل أن يفتح الستار وتتعالى صرخات واستهجان الحاضرين من ذلك الأداء المائع والهزلي لأبطال المسرحية الفكاهية! لقد رسبت النيابة العامة اللبنانية بقضية قتيل فيلا نانسي عجرم في كل المواد القانونية، بالرغم من سهولة القضية ووجود حزمة من الأدلة والقرائن التي تدين زوجها بالقتل العمد، فإمطار جسد المجني عليه ب18 رصاصة يسقط أهم أركان الدفاع الشرعي والمتمثل في أن يكون الدفاع متناسبا مع الخطر، ويجعل منها جريمة انتقام لا يشفى غليله منها سوى تفريغ مشط المسدس كاملا بكل شبر من جسد الضحية! لقد رسبت النيابة العامة اللبنانية حين سلمت بالرواية الإنسانية ومقاطع الفيديو التي قدمها لنفسه المتهم فادي الهاشم، رسبت حين قررت القاضية غادة عون النائب العام إطلاق سراحه وعدم توقيفه قبل عرضه على المحكمة مع أنها جريمة كبرى، رسبت حين أغفلت مطابقة الرصاص الموجود بجسد الضحية مع المسدس الموجود بحوزة المتهم، رسبت حين تجاهلت التناقضات العديدة التي تحملها الصور المتداولة للضحية وهو مسجى على الأرض مضرجا بدمائه بين الجاكيت الأبيض والأسود والعارية تماما، رسبت حين بدت كمدعٍ عام وهي تدافع عن القاتل بدلا من الضحية عندما بررت توجيهها تهمة القتل العمد بالدفاع الشرعي المانع للعقوبة مستندة على المادة 229 من قانون العقوبات اللبناني، رسبت حين سمحت لجيجي عمار مدير أعمال الفنانة بالتصريح الاستفزازي بأن الزوجين عقب الجريمة البشعة يمارسان حياتهما بشكل طبيعي وهو ما يؤثر على مجريات التحقيق، رسبت حين جعلت نانسي عجرم فوق القانون ولم توجه لها أي تهمة أولية، بالرغم من كل الحيثيات والشُّبه القوية التي تدور حول فبركة الفيديو المتداول لواقعة تهمة السرقة وتورطها بالمشاركة فيه من خلال ادعائها الإصابة بقدمها لتوفير ركن الحال بالدفاع الشرعي! لقد دارت الدوائر على الباغية مريم البسام وتحققت رؤيتها الساخرة ولكن على قضاء بلدها الذي لم يراع أبسط مبادئ القانون، حتى سمعنا اليوم (النيابة العامة اللبنانية: نانسي بريئة، المتهم فادي الهاشم أفرج عنه، الحرس الشخصي للفيلا ما خصون بنوب، واتضح لنا أن محمد الموسى قد أمطر نفسه بالرصاص.. قضاء وقدر)!! أنا لا أقف هنا مدافعا عن الشاب السوري القتيل محمد الموسى إذا كان بالفعل سارقا، ولا يمكنني بأي حال إغفال حق زوج نانسي في الدفاع المتناسب عن (سنيورته) وبناته إن ثبت حقا أن سارقا قام بالسطو المسلح ليلا على فيلته، أنا أطعن فقط بتمييع النيابة العامة اللبنانية لجريمة قتل بشعة، من أجل الحفاظ على مواعيد حفلات المغنية الشهيرة وعدم تأثير القضية على استعداداتها النفسية والجسدية وهي تتمايل أمام جماهيرها الغفيرة شادية بأغنيتها (آه ونص)، و(قال إيه بيسألوني عنك يا نور عنيّه)!!.