أكد وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، حرص حكومة المملكة العربية السعودية واهتمامها الشديدين بوحدة وسيادة وسلامة الأراضي العربية، وأنها لا تقبل أي مساس بها أو تدخل يهدد استقرارها، مشيراً إلى أن المملكة تبذل جهودها لضمان الوصول إلى حلول سياسية للأزمات في سورية واليمن وليبيا والسودان. وعبَّر الأمير فيصل بن فرحان في كلمته خلال افتتاح الجلسة الثانية من دور الانعقاد الرابع للبرلمان العربي في القاهرة اليوم (الأربعاء)، عن حرصه على المشاركة في افتتاح هذه الجلسة وتلبية دعوة رئيس البرلمان العربي، تقديراً للدور المهم الذي يقوم به البرلمان في خدمة قضايا الأمة العربية وتحقيق مصالح دولها وشعوبها. وأضاف: «المنطقة العربية تمر بمتغيرات وتحديات تمس جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية في العديد من دولها، وتنعكس أحداثها المتسارعة على النواحي الإنسانية والتنموية والاجتماعية لشعوبنا، وتجعلنا جميعاً مطالبين بالتحرك الجاد للتصدي لكافة التهديدات التي تواجه دولنا وشعوبنا، والمضي قدماً نحو ما تصبو إليه الشعوب العربية من أمن واستقرار وتنمية». وأوضح وزير الخارجية، أن المملكة العربية السعودية ومنذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز آل سعود ترتكز على مبادئ التعايش السلمي وحسن الجوار والاحترام الكامل لسيادة الدول واستقلالها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحل النزاعات والخلافات بالطرق السلمية ضمن قواعد القانون الدولي، وتؤمن بأن هذه المبادئ كفيلة بحل كافة الصراعات والنزاعات التي يأتي في مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي. وشدد الأمير فيصل بن فرحان على أن القضية الفلسطينية هي قضية المملكة الأولى، وتحظى بالاهتمام الأكبر في سياستها الخارجية. وتابع: «لقد دعونا ولا زلنا ندعو إلى إيجاد حل شامل وعادل يكفل استعادة كافة الأراضي العربية المحتلة على أساس قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002، ما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي». وجدد وزير الخارجية التأكيد على التمسك بالسلام خياراً إستراتيجياً، وبطلان الإجراءات الأحادية التعسفية التي تتخذها سلطة الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين. وقال: «المملكة ترى أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، وتطالب بالالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم (2254) وبيان جنيف (1)، وتدعم جهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى سورية»، مشيراً إلى أن المملكة اتخذت إلى جانب أشقائها العرب موقفاً عربياً موحداً وواضحاً تجاه التدخل العسكري التركي في الشمال السوري. وبين وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، أن المملكة هي الداعم الأكبر لحل الأزمة في اليمن بهدف التوصل إلى حل سياسي وفق المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، وقرار مجلس الأمن رقم (2216)، وتبذل كل جهودها لدعم أمن واستقرار هذا البلد الشقيق والحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، كما عملت على تخفيف المعاناة الإنسانية الناجمة عن هذه الأزمة. ولفت الأمير فيصل بن فرحان إلى أن المملكة قدّمت أكثر من 14.5 مليار دولار لمساعدة الأشقاء في اليمن، وناشدت المجتمع الدولي بأن يولي المزيد من الاهتمام لوقف المليشيات الحوثية المدعومة من إيران عن هجماتها المتكررة بالصواريخ والطائرات المسيرة التي تستهدف المناطق المدنية الآهلة بالسكان، والمطارات والمرافق والمنشآت المدنية بالمملكة، مشدداً على أن المملكة ستواصل جهودها الخيّرة الرامية للتوصل إلى الحل السياسي الكفيل بإنهاء الأزمة اليمنية. وأفاد وزير الخارجية، بأن الأزمة الليبية كانت في صُلب اهتمامات السياسة الخارجية للمملكة، حيث استمرت في دعوتها للأشقاء في ليبيا بضرورة ضبط النفس وتغليب المصلحة العليا لهذه البلاد الغالية، بالحفاظ على وحدة وسلامة الأراضي الليبية وسيادتها الإقليمية، وإقامة حوار وطني حقيقي يقود إلى سلام شامل بين الاشقاء الليبيين. وأضاف في كلمته خلال افتتاح جلسة البرلمان العربي اليوم، أنه بالنسبة للسودان، فقد وقفت المملكة مع الأشقاء هناك لتحقيق كل ما من شأنه ضمان أمنهم واستقرارهم، ودعّمت الجهود المبذولة لاجتياز هذا البلد العزيز المرحلة الصعبة التي يمر بها، والتي أثمرت عن توقيع اتفاق الخرطوم السياسي التاريخي وتشكيل الحكومة الانتقالية. وأشار وزير الخارجية في كلمته، إلى سعي المملكة العربية السعودية بكل الوسائل الأمنية والسياسية والقانونية لمحاربة الإرهاب والتحذير من خطورته، حيث أنشأت تحالفات إقليمية ودولية ورفضت ربط الإرهاب ظلماً بالدين الإسلامي الحنيف، كما حذّرت المملكة الدول التي ترعى الأعمال الإرهابية وتدعم المليشيات المسلحة التي تتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، ودعت إلى الكف عن هذا العمل العدائي الخطير الذي يهدد استقرار أمن دولنا وسلامة شعوبنا ويخلق الفرقة والخلافات والطائفية. ونبّه إلى أن الجانب الاقتصادي له دور فاعل في تعزيز العلاقات بين دولنا العربية، وتتطلع المملكة إلى مزيد من التعاون في المجالات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية، لافتاً إلى أن قضية التكامل العربي والسوق العربية المشتركة تعد من أهم القضايا التي تواجه العمل العربي المشترك والتي يجب السعي لتحقيقها في ظل التكتلات الاقتصادية الإقليمية والدولية. وقال: «المملكة تمتلك علاقات اقتصادية وثيقة مع العديد من الدول العربية والإسلامية والصديقة، وتسعى إلى إبرام شراكات تجارية جديدة وتسهيل انسياب حركة البضائع وتنقل الأفراد وتدفق رؤوس الأموال، وقد باتت المملكة الآن أكثر قدرة على ذلك في ظل رؤية 2030 الطموحة التي بدأت معالم نجاحها تتضح في كل مناحي الحياة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية». واختتم وزير الخارجية كلمته قائلاً: «إننا نلتقي اليوم وقد فقدنا أحد قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية جلاله السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان، وأتقدم لكم ولعموم الأمتين العربية والإسلامية بخالص العزاء، داعياً المولى عز وجل له بالمغفرة والرحمة، ولسلطنة عمان بدوام التقدم والرخاء في ظل قائدها الجديد السلطان هيثم بن سعيد».