بعد مرور أكثر من 30 عاماً على الغزو العراقي للكويت التي سطرت حينها المملكة العربية السعودية موقفاً تاريخياً حينما أمر الملك فهد بفتح الحدود أمام الكويتيين وتوزيعهم على جميع مناطق المملكة، إضافة إلى ذلك فتح بعض المشاريع السكنية ليستفيد منها الكويتيون، مازال الكويتيون يستذكرون موقف الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك، مع الراحل النائب السابق في مجلس الأمة الكويتي عباس حبيب المناور عندما توجه للسعودية مع مجموعة كويتيين عن طريق الأردن أثناء الغزو. وقال المستشار والمحامي الكويتي عبداللطيف عباس المناور، إنه كان ووالده أثناء الغزو يقضيان إجازتهما الصيفية مع العائلة في منزلهم ومزرعتهم في عمّان بالمملكة الأردنية الهاشمية، مشيراً إلى أنه عند حدوث الغزو تجمع عدد من الكويتيين الذين كانوا يقضون إجازتهم الصيفية في الأردن في منزل والده وفي ديوانه، للاطلاع على آخر الأخبار، بعدها قرر والده ترك الأردن والتوجه إلى المملكة العربية السعودية. وأضاف «دخلنا ومعنا مجموعة من العوائل الكويتية على متن أكثر من 70 سيارة إلى المملكة العربية السعودية عن طريق منفذ حالة عمار، وهو المنفذ التابع لمنطقة تبوك والحد الفاصل بين السعودية والأردن، وبعد أن أدينا صلاة العصر كان أحد الضباط السعوديين يصلي معنا، فعرف والدي وسلم عليه وقام مشكوراً بإبلاغ رئيسه في العمل، الذي بدوره حضر واستقبل والدي بحرارة بكل محبة وتقدير واصطحبه ومن معه إلى دار الضيافة في المركز الحدودي». وتابع «في هذه الأثناء اتصل أحد المسؤولين بأمير منطقة تبوك الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، وأخبره أن عباس حبيب المناور عضو مجلس الأمة الكويتي ومعه عدد كبير من العائلات الكويتية موجودون في المركز الحدودي وأنه ينتظر التعليمات من الأمير فهد بن سلطان، وعلى الفور أمر الأمير فهد بن سلطان بإبلاغ والدي بأن الأمير فهد بن سلطان يدعوه على العشاء في قصره في مدينة تبوك، واستجاب الوالد لتلك الدعوة الكريمة». ولفت عبداللطيف إلى أنه «عند دخولنا على الأمير فهد بن سلطان، أتذكر كلماته التي لا زالت في عقلي وقلبي ولا أنساها ما حييت، وبأعلى صوته قائلاً (هلا ومرحباً الكويت عائدة بإذن الله وتوفيقه.. عائدة عائدة عائدة)، وبعد جلسة الأحاديث الودية والسلام الحار، تناولنا طعام العشاء وبعد الانتهاء من العشاء أتذكر أن الأمير فهد بن سلطان، قال للوالد: يا شيخ عباس، أنا عندي أمر من خادم الحرمين الشريفين مولاي الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، بأن تبقى أنت وعائلتك ومن يرغب في تبوك، وهذا أمر ولا نستطيع مخالفته». وأضاف «رد والدي بأنه يقدر أمر خادم الحرمين الشريفين، ويقدر هذا الترحيب، ولكنه يريد التوجه إلى مكةالمكرمة حتى يقيم هو ورجاله في إحدى العمارات، لكن الأمير فهد بن سلطان أصر على تنفيذ الأمر والرغبة الملكية السامية، وعندها امتثل الوالد وقال (أمر الشيوخ مطاع)، وجلسنا في تبوك نحو أربعة أشهر كاملة وخُصِّصَ لنا مقر سكن في تبوك، وكان لنا خلال تلك الفترة التعرف عن قرب على الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز». وأشار عبداللطيف بن عباس إلى أنه يتذكر خلال تلك الفترة التي أمضوها في مدينة تبوك أن الأمير فهد بن سلطان كان يصر على وجود والده أسبوعياً في مجلسه العامر مساء كل يوم اثنين، وأن الأمير فهد بن سلطان كان حريصا على تلمس حوائج عائلات الكويتيين وألا ينقصهم شيء مادي وغير مادي، إذ أعطى تعليماته بألا يكون في الإمارة كويتي يحتاج إلى سكن أو مادة، وكان على الفور الإخوة في مكتبه الخاص بالإمارة ملبين لكل طلب لأي كويتي، لافتاً إلى أن الأمير فهد بن سلطان كان يصطحب والده معه في جولاته داخل مدينة تبوك، رغبة منه أن يحسس والده بأنه بين أهله. واستذكر عبداللطيف بن عباس أن الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز، حرص على أن يقوم والده عباس المناور، بزيارة أعمامه خلال تلك الفترة، ورتب مدير مكتبه الخاص آنذار المواعيد لزيارتهم «وتشرفنا بزيارة الملك فهد بن عبدالعزيز، والملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان ولياً للعهد، والأمير سلطان بن عبدالعزيز، عندما كان النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، كما تشرفنا بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميراً لمنطقة الرياض آنذاك، وتشرفنا بزيارة عدد كبير من الأمراء». وأكد عبداللطيف بن عباس، أنهم سمعوا من خادم الحرمين الشريفين ومن الأمراء نفس كلمات الترحيب والتعهد بالدفاع عن الكويت بالنفس والدم بالرجال والمال، كما كان لقاؤهم مع الملوك والأمراء لقاء أب بأبنائهم وإخوة لأشقائهم وكل ذلك كان بفضل من الله ثم بفضل القيادة السعودية. وزاد «أتذكر أن مدينة تبوك تشرفت آنذاك بزيارة للأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود لإحدى القواعد العسكرية في مدينة تبوك، ووجهت للوالد عباس مناور دعوة شخصية من الأمير فهد بن سلطان أمير منطقة تبوك، لحضور الحفل العسكري المقام على شرف الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وحرص أمير تبوك على أن يكون مقعد والدي في الحفل بجواره شخصياً، وهذا إن دل فإنما يدل على أن الكويت والمملكة العربية السعودية بلد واحد، والمحبة التي يكنها الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز لوالدي والكويتيين لا تشوبها شائبة، والاحترام متجذر ومتأصل في أصل وأخلاق الأمير فهد بن سلطان».