بدأت الامتحانات وسط موجة من الدهشة والغرابة عند أبنائنا الطلبة.. وهي تجربة مهما ارتقت فى مقياس التقييم الحقيقى.. إلا أنها تظل منبثقة من رحم المعاناة.. وعودة إلى الوراء قليلا تذكرنا بموجات متتالية من تغيير في الامتحانات التي كانت تخضع لمزاجية وزير التعليم وعلى مسؤوليته.. والمتتبع في تلك الفترات يجد أن هذه الأفكار إنما هي وليدة الدراسة بالخارج.. دون وضع أي اعتبار لطبيعة هذه البلاد المحكومة بعنصر الوقت الذي يأخذ في اعتباره شهر رمضان ومن بعده موسم الحج.. وهي خصوصية لا تتوفر إلا في بلادنا.. ولست أدري لماذا نواجه مشكلة رمضان والحج ونعمم القرار على سائر مدن المملكة وقراها.. ولماذا لا تأتي الدراسة في رمضان.. وهي تجربة يعيشها كثير من دول العالم العربي والإسلامي.. ولماذا لا تطبق التجربة على قطاع خاص في منطقة دون سائر المناطق.. وإذا ما تأكد للمسؤولين نجاحها سحبوها وعممت كقاعدة تسري على كل سائر المناطق.. ولقد عانينا طويلا من هذه التحولات وما لبثنا أن عشنا فترة غير طويلة مع آخر نظام للامتحانات.. وبالأمس جاء قرار معالي وزير التعليم المدعوم من مجلس الوزراء.. ولست أدري لماذا نحن دوما نضع مقدرات أبنائنا ونخضعها للتجربة.. دون الأخذ في الاعتبار ما يترتب عليه من نتائج.. ولكي نقترب من الواقع نعيد قراءة قرار معالي الوزير الذي جاء نصه. أصدر معالي وزير التعليم الدكتور حمد بن محمد آل الشيخ قراراً بتطوير المادة الخامسة من لائحة تقويم الطالب للمرحلتين الابتدائية والمتوسطة، بما يضمن نواتج أفضل للتعلم، ورفع مستوى التحصيل الدراسي للطلاب والطالبات. وتضمن توجيه وزير التعليم اعتماد تطوير التقويم المستمر للصفوف الدراسية من الثالث إلى السادس الابتدائي؛ عبر اختبارات ختامية في نهاية الفصل الدراسي لمواد العلوم الشرعية (التوحيد، الفقه والسلوك، الحديث والسيرة)، واللغة العربية، والرياضيات، والعلوم، والدراسات الاجتماعية، والمواطنة، بينما يقوم أداء الطالب تقويماً مستمراً في بقية المواد، وفقاً لمستويات الأداء. تقسيم الدرجات واشتمل قرار الدكتور آل الشيخ على تخصيص (100) درجة لكل مادة يكون التقويم فيها مستمراً وختامياً موزعة بالتساوي بين الفصلين؛ بحيث تكون في كل فصل دراسي (20) درجة لأعمال السنة مشتملة على أساليب متنوعة (اختبارات قصيرة، واجبات منزلية، مهمات أدائية)، و(30) درجة لاختبار تحريري في نهاية الفصل، كذلك حصول الطالب على درجة النهاية الصغرى (50%) في المواد التي يكون تقويم الطالب فيها مستمراً وختامياً شريطة حصوله على نسبة 20% من درجة اختبار الفصل الدراسي الثاني، إضافة إلى عقد اختبار الدور الثاني للطالب الذي لم يحقق النهاية الصغرى (50%) للمواد، كذلك من لم يحصل على النسبة الشرطية التي هي 20% من درجة اختبار الفصل الدراسي الثاني. الطيب التونسي والتجربة الناجحة: وللتاريخ ولإقرار الحق ونسب الفضل لأهله.. نذكر بكل تقدير السياسة الحكيمة لمعالي الطيب التونسي مدير الأمن العام الذي أخضع الطائف لتجربة مراكز الشرطة.. وبعدما تأكد له واستقر في وعيه وقناعته نجاح التجربة طبقها على شتى أنحاء المملكة. طلابنا والدهشة: لقد عمت الدهشة أوساط طلابنا بالابتدائية والمتوسطة.. وهم يصدمون بتجربة جديدة.. خاصة عند دخولهم لقاعات الامتحانات.. وكيف أن المسؤولين يفتشون جيوبهم خشية أن تكون هناك أساليب للغش وتهريب ما يسمى البرشام (تلخيص للمادة في أوراق). يقيني أن اجتهاد معالي الوزير مصدره الحرص على المصلحة العامة وتوخي أنجع الأساليب في تطوير الامتحانات والاستقرار على معدلات معروفة لتكون القاعدة وعلى مر التاريخ.. لقد كانت المفاجأة في التحول في كيفية الاختبارات مدهشة ومذهلة.. خاصة لأولادنا في الابتدائية.. أرجو أن تستقر هذه القاعدة الجديدة وأن تخضع للثبات كقاعدة يسري عليها نظام الامتحانات.. بعيدا عن التحولات الفجائية.. وحسبي الله ونعم الوكيل.