لا جدال أننا نعيش عصر جدية وسرعة إنجاز ومحاربة للفساد، لم نشهد جديتها من قبل، ويجب على المستويات الإدارية الأدنى أن تساير القيادة العليا في الجدية والحماس وحسن الاختيار، حتى لا تسير نهضتنا مائلة أو تعاني من عرج. ومن أهم عناصر النجاح حسن الاختيار للأشخاص بناء على معيار التأهيل العلمي والتخصص والكفاءة وتوفر القدرات واجتياز المواقف الصعبة والحكمة في اتخاذ القرار، ليس مهما جدا العمر، فالشباب ليس شرطا ولا معيارا، فنحن لا نلعب كرة قدم، كما أن المشيب ليس عيبا دائما ولا ميزة دائمة، أيضا الجنس ليس ميزة دائمة فليس شرطا أن تتولى المرأة كل شأن (كثير من الدول المتقدمة التي سبقتنا لم تفعل ذلك للساعة)، ولا يجب أن تكون المناصب حكرا على الرجل فالجنس لم يكن قط معيارا ثابتا ومؤكدا على النجاح، فقد عايشنا فشل رجال ونجاح نساء، والعكس صحيح، فنحن في حاجة لإنسان كفء قادر مؤهل مر بتجارب نجاح له شخصيا، نجاح ذاتي وقدرات ذاتية وإمكانات شخصية، فقد ولى عصر (كان أبي) ونحن في عصر لا يقبل إلا (ها أنا ذا). حقيقة نحن في أمس الحاجة اليوم لتطبيق معايير اختيار دقيقة وثابتة من يخالفها يحاسب محاسبة حازمة ورادعة إذا ثبت أن اختياره للشخص تم بناء على تحيز لقرابة أو قرية أو قبيلة أو جنس أو أي عنصر خارج المعايير المحددة للوظيفة أو المهمة. ولاء الأسرة لا يعني ولاء الفرد، وقد عانينا من هذا كثيرا ولا داعي للاستشهاد بأمثلة من تنكروا للوطن، وأسرهم اشتهرت بالولاء، ونجاح الأب لا يعني نجاح الابن، فنحن لسنا بصدد صفات وراثية كالفراسة واقتفاء الأثر، بل صفات خاصة ونبوغ ذاتي وتميز فردي. نحن بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى (لأن وقتنا ليس كوقت مضى) إلى معايير دقيقة عند اختيار الرجل المناسب للمنصب المناسب، والمرأة المناسبة للمهمة المناسبة، ونحن بحاجة ماسة لاختيار من يمثلنا خارجيا في المؤتمرات والمناسبات ومن يقابل ضيوفنا وينقل لهم صورتنا الحقيقية، وفي حاجة ماسة لمعايير لاختيار من يمثلنا في البرامج والإعلام والزيارات، ومعايير لاختيار المراسل والمذيع والمقدم وحتى رئيس التحرير يجب أن يرشح بمعيار. * كاتب سعودي www.alehaidib.com