مع أنني محام ومستشار قانوني أقدم في اليوم عشرات الاستشارات القانونية والشرعية للرجال والنساء، مستندا في ذلك على تخصصي في دراسة الأنظمة والأحكام الشرعية والتعاملات المالية، وخبرة 20 عاما في أروقة المحاكم والجهات التنفيذية، إلا أنني ويشهد الله على ما أقول؛ أتوقف عند أي مسألة تحتاج لفتوى شرعية حتى لو كنت أعرف إجابتها، وحتى لو كانت في الأمور الفردية والأحوال الشخصية، وأطلب من السائل الاتصال بالهاتف المجاني للفتوى الذي تشرف عليه وزارة الشؤون الإسلامية، كي لا أكون جسرا وأحمل وزره أمام الخالق سبحانه يوم لا ظل إلا ظله. إلا أن بعض البرامج التلفزيونية وحسابات المتمشيخين بمواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أشبه ما تكون بدكاكين أبو 5 و10 و15 التي تمارس أنشطة بيع خردوات الفتاوى المقلدة وألعاب المبادئ والأخلاق المزيفة! هذا المثال الحي للسيناريو التراجيدي الذي قد تولده شرارة الفتوى غير المسؤولة، دفع الدولة (أعزها الله) قبل عقد من الزمان لإصدار أمر ملكي موجه لسماحة مفتي عام المملكة بقصر الفتوى في الأمور العامة على أعضاء هيئة كبار العلماء، والتأكيد على أنه يمنع منعاً باتاً التطرق لأي موضوع يدخل في مشمول شواذ الآراء، ومفردات أهل العلم المرجوحة، وأقوالهم المهجورة، مع التشديد على أن كل من يتجاوز هذا الترتيب سيعرض نفسه للمحاسبة والجزاء الشرعي الرادع، كائناً من كان، فمصلحة الدين والوطن فوق كل اعتبار. يجب أن تستند الفتوى على أصل شرعي وأدلة معتبرة، وأن تصدر كما أمرت الدولة بذلك من شيوخ ثقاة لهم باعهم الطويل في المسائل الفقهية ويتبعون مؤسسة دينية لها كيانها وشخصيتها الاعتبارية، لهذا أقترح تنظيم حملة شبيهة بحملة الجوازات وأنظمة الإقامة، لضبط دكاكين الفتاوى المقلدة والقبض على المتشيخين ومصادرة كنتيرات الفتاوى الواردة من عرض البحر لغرض ترويجها في مجتمعنا، يجب الإسراع في ملاحقتهم قبل أن ينجحوا في إنشاء شركة أهلية قابضة للفتاوى الرخيصة، وقبل أن يحل موسم التخفيضات فتباع الفتوى الجوهرية على الهواء بسعر الجملة (مع فتوى مجانية هدية)!