قد تشعر بالغربة وأنت داخل وطنك، قد تشعر بأنك تعيش في الجحيم لا في الوطن، وقد تشعر أيضا بألا وطن لك؛ عندما يتحول وطنك العظيم باسمه وتاريخه وحضاراته وثقافاته وأعلامه إلى أرض للظلم والفساد والفقر والحروب والدمار، هذا ما يشعر به العراقيون الذين قرروا أن ينزعوا الحِلم من دواخلهم ويغضبوا بكل ما أوتوا من كرامة، ويثوروا بسلمية وشجاعة وغيرة لانتزاع حقوقهم والمطالبة بحكومة عادلة وقطع أيادي الشر الإيرانية التي عبثت في وطنهم كثيرا كما عبثت به من قبل أيادي الشر الداعشية والأمريكية. «نريد نحسّ بوطن» هكذا قال طفل عراقي ولد عام 2004 أثناء ظهوره في تقرير تلفزيوني تم بثه عام 2018، بهذه العبارة الصغيرة العظيمة جدا بدلالاتها اختصر ذلك الطفل الكبير بإحساسه وعقله وتعبيراته ما يريده عشرات الملايين من العراقيين داخل وخارج العراق، الإحساس بأن لهم وطنا، ينتمون إليه، يؤويهم، يشعرون فيه بالأمان والعزة والكرامة، وعندما يحين موعد رحيلهم من الحياة يموتون على أرضه بسلام ويدفنون به. لا يريد العراقيون سوى أن يكون العراق وطنا لا جهنم، أن يكون العراق عراقيا لا يستوطنه الأغراب ولا يسرق الخائنون ثرواته ولا يصب فيه شياطين الإنس شرورهم، يريدون أن يعيشوا على أرضه جميعا على اختلاف أديانهم ومذاهبهم ولغاتهم بسلام وينالوا فيه حقوقهم كافة، ويتمتعوا بثرواته العظيمة ويسخروها لتنميته، يريدون وطنا آسرا كقصائد بدر شاكر السياب، ومحمد مهدي الجواهري، وعبدالرازق عبدالواحد، وطنا مدهشا كتصاميم زها حديد، وطنا يفيض بالحب والسلام والجمال كأغنيات ناظم الغزالي ورياض أحمد وياس خضر وسعدون جابر وكاظم الساهر، وطنا حنونا يشع منه نور من السلام لا ينطفئ كعيني ليلى العطار. لا يليق بالعراق وأبنائه إلا الشموخ، العراق عراقنا نحن العرب أجمع، وأبناؤه الشرفاء الأحرار المسالمون بحاجتنا، فلنكن صوتهم لأن هناك من يحاولون كتمان صوتهم كي لا يسمعه العالم ويعرف بما يُرتكب فيه من جرائم وحشية وانتهاكات تتنافى مع حقوق الإنسان كالقتل وإطلاق الرصاص والغاز المسيل للدموع، وحجب الإنترنت وغيرها. ليس العراقيون وحدهم من يريدون للعراق أن يعود عظيما، بل نحن أبناء العرب أجمع، فالعراق وطن الحضارات الذي يجب أن نرعاه ونرتقي به ونزيح عنه كل شر ونعيد له مكانته العظيمة، ونسير به إلى طريق لا ضياع فيه، وأن ندعو الله أن تتحقق أمنية مظفر النواب بأن يرجع اللحن عراقيا وإن كان حزينا. reemeta22@