كثيرون لا يستطيعون أن يتخلصوا من ثيابهم القديمة التي يفضلونها، حتى لو كان لزاما عليهم أن تحال للتقاعد. الجلباب.. المعطف.. الثوب هي رموز للمنهج الحياتي والخروج منها بدون خسائر نفسية فن يفترض على الجميع ممارسته.. غنه فن التقبل، تقبل الواقع الذي اختاره. هناك من لا يستطيع أن يتقبل واقعه المتغير حتى لو كان خروجه بملء إرادته. مثل الخروج من وظيفة، أو الخروج من وطن لم يعد يحبونه، ورغم ذلك لم يستطيعوا أن يخرجوه من أنفسهم الأمارة بالسوء! الخروج من ذلك الثوب، يفترض أن يكون مُتقبلا وبالتالي سلسا فهو ليس خروجا من الجلد إنه أسهل من ذلك بكثير! إن عدم التقبل لذلك الخروج حالة قد تتفاقم إلى أن تصبح مرضية ترافقها تغيرات نفسية ذات نهج عدواني متناه، تستطيع أن تلمسها فيمن تركوا أوطانهم، أو فيمن تركوا وظائفهم أو تركتهم لأسباب ليس لها مكان في هذا المقال. أولئك الخارجون عن إطارهم قسرا، تحدوهم نزعة عدوانية رافضة للخروج، ولكل من حلّ في الإطار.. فذلك الإعلامي الذي أُخرج من إطاره يكره كل من حل مكانه ويفند كل عمل جميل له، لأنه باختصار يصارع نزعة عدوانية تغلبت عليه.. كذلك أولئك الذين لجأوا إلى ديار بعيدة غير أوطانهم رغبة منهم، كما يظهرون، لكن الخروج من الإطار لم يكن موفقا، فالإطار الذي يمثل الهوية.. أيا كانت تلك الهوية هو حق اكتسب ومن الصعب التفريط به.. لذا كان في خسارته خسارة لا يُعبر عنها إلاّ بسيل جارف من الكراهية إزاء كل من كانوا في الإطار. الخارجون من الإطار، رغما عن رغبتهم الحقيقية، صنف جديد من الصعب التعامل أو التعاطي معه حتى ولو بتغريدة، أو مشاهدة فتفوتة سنابية له! * كاتبة سعودية [email protected]