وضعت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان أخيرا، أسس شراكة إستراتيجية سعودية باكستانية طويلة المدى في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية؛ إذ حققت الزيارة التاريخية، نقلة نوعية في التقارب والتنسيق والتشاور بين الرياضوإسلام أباد ليس فقط لتعزيز التعاون بل لإيجاد حلول لقضايا الأمة الاسلامية والحيلولة دون توسيع دائرة الأزمات في المحيط، فضلا عن منع التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية والاسلامية. ومازالت تصريحات ولي العهد ماثلة في عقول وقلوب الشعب الباكستاني عندما قال لرئيس الوزراء الباكستاني في حفل الاستقبال الذي أقامه له خلال زيارته لباكستان «اعتبرني سفيرا لباكستان في المملكة» وعكست هذه العبارة التاريخية المكانة الكبيرة التي تحتلها باكستان في قلوب الشعب السعودي. وعندما تتحرك الدبلوماسية السعودية مجددا نحو جنوب آسيا وتحديدا إلى باكستان من خلال زيارة وزير الدولة للشؤون الخارجية عادل الجبير، في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها إثر التصعيد الخطير التي تشهدها العلاقات الباكستانيةالهندية بسبب تداعيات القضية الكشميرية، فضلا عن التطورات والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط، فإن المملكة تسعى من التحرك للتهدئة وتخفيف حدة التوتر والتصعيد وتعزيز إجراءات الثقة بين إسلام أبادونيودلهي؛ للدخول في حوار هادئ ومثمر يتم من خلاله حل جميع القضايا الخلافية عبر طاولة الحوار الذي سيؤدي حتما إلى تعزيز الثقة وحلحلة المواقف؛ لأن المنطقة بشكل عام ومنطقة جنوب آسيا لا تتحمل أي تصعيد عسكري أو توترات تؤدي إلى اشتباكات لا قدر الله.. وعندما يرافق الجبير خلال زيارته المهمة لباكستان التي بدأت أمس (الأربعاء) وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، اللذان وصلا معا إلى إسلام أباد، فهذا يعكس حرص الرياض وأبوظبي على إرساء الأمن والاستقرار في جنوب آسيا والسعي الحثيث على تقريب وجهات النظر بين الباكستانوالهند، للتهدئة وتخفيف حدة التوتر.. ورغم أن الزيارة قصيرة إلى إسلام أباد إلا أن التحرك السعودي الإماراتي معا في هذا التوقيت الحساس حقق اختراقات ايحابيةً، بعد سلسلة اللقاءات المكثفة التي أجراها الجبير وعبدالله بن زايد مع كل من رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان وقائد أركان الجيش الفريق أول قمر باجوا ووزير الخارجية شاه محمود قريشي، حول سبل تعزيز العلاقات ما بين البلدان الثلاثة ومناقشة التطورات التي تشهدها المنطقة والمستجدات على الساحة الكشميرية، وحث إسلام أباد بضرورة التهدئة وتخفيف حدة التوتر وحل الخلافات مع نيودلهي عبر الحوار.. ومن المؤكد أن الحراك السعودي والإماراتي باتجاه باكستان كان فرصة لتقوية التنسيق والتعاون في المجالات السياسية فضلا عن بحث تطورات الأوضاع في أفغانستان. وكان رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان أجرى اتصالا هاتفيا بولي العهد الأمير محمد بن سلمان وهو الاتصال الثالث من نوعه خلال شهر بحث خلاله سبل تعزيز العلاقات والتطورات في المنطقة. ووصفت الأوساط الرسمية الباكستانية نتائج الزيارة الرسمية للجبير وعبدالله بن زايد إلى باكستان بأنها كانت إيجابية للغاية، فضلا عن أن اللقاءات المكثفة التي تم إجراؤها مع القيادات السياسية والعسكرية الباكستانية كانت صريحة وواضحة. مشيرة إلى أن التحرك السعودي الإماراتي لقي استحسانا كبيرا من القيادات الباكستانية التي ثمنت حرص الرياض وأبوظبي على تعزيز العلاقات مع إسلام أباد والتشاور معها حول المستجدات في المنطقة وتخفيف حدة التوتر مع نيودلهي بسبب الأزمة الكشميرية. وكان وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي، استعرض مع نظيره السعودي إبراهيم العساف، مستجدات الأوضاع في إقليم كشمير المتنازع عليه بين إسلام أبادونيودلهي. وشدد الوزيران على مواصلة العمل من أجل إحلال السلام في المنطقة. وفي 5 أغسطس، ألغت الحكومة الهندية بنود المادة 370 من الدستور، التي تمنح الحكم الذاتي لولاية «جامو وكشمير»، الشطر الخاضع لسيطرتها من الإقليم وكانت هذه المادة أعطت الكشميريين وحدهم في الولاية حق الإقامة الدائمة، فضلا عن حق التوظيف في الدوائر الحكومية، والتملك، والحصول على منح تعليمية. ويرى مراقبون أن بوصلة التحرك السعودي الإماراتي قد تتجه لنيودلهي بعد زيارة إسلام أباد؛ بهدف إقناع الهند لتخفيف الإجراءات التي اتخذتها في إقليم كشمير وإنهاء حظر التجول ورفع الإقامة الجبرية عن القيادات الكشميرية في الهند؛ كخطوات لإجراءات الثقة مع باكستان. لقد تناغمت الدبلوماسية السعودية الإماراتية في إسلام أبادوالرياض لنزع فتيل أزمة كشمير.