بتوجيهات من الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، نظم مجمع اللغة العربية بالشارقة على مدى ثلاثة أيام متواصلة، وبالتعاون مع اتحاد المجامع اللغوية العلمية بالقاهرة دورة تدريبية متخصصة في تقنيات ومهارات صناعة المعجم التاريخي للغة العربية. وتقام الدورة التي بدأت يوم أمس الأول ضمن جهود العمل على مشروع «المعجم التاريخي للغة العربية» الذي يُشرف عليه مجمع اللغة العربية في الشارقة ليوثق تاريخ ألفاظ اللغة وأصولها وتطورها التاريخي، حيث تتناول الدورة أساليب وطرق التحرير المعجمي في المشروع. وجاءت الدورة التي شارك فيها نخبة من الأكاديميين اللغويين بعد سلسلة دورات علمية تدريبية نظمها مجمع اللغة العربية بالشارقة بالتعاون مع اتحاد المجامع بالقاهرة، عُقدت في جمهورية مصر العربية، والجزائر، وموريتانيا، ويتبعها دورات أخرى للمحررين المعجميين العاملين على المشروع في المغرب، والمملكة العربية السعودية، والأردن. وقال محمد حسن خلف مدير عام هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون: «تعبّر سلسلة الدورات التي ينظمها مجمع اللغة العربية في الشارقة بالتعاون مع اتحاد المجامع بالقاهرة، عن الرؤية التي تمضي فيها الشارقة في تحقيق إنجاز نوعي وضخم يضاف إلى خزانة المعرفة العربية والإنسانية، والمتجسد في مشروع (المعجم التاريخي للغة العربية)، وتؤكد هذه الدورات وهذا المشروع جهود صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في حماية لغة الضاد، وتقديم فتوحات معرفية كبرى في ميدان دراستها وتوثيقها وحفظها، تسجل تاريخاً جديداً ومفصلياً للعمل في ميدان المعاجم بأكملها». وأضاف: «هذا المشروع الذي تتكفل الشارقة بالإنفاق عليه وينطلق منها ليس مشروع الإمارة وحسب، بل هو مشروع عربيّ خالص، لجميع العرب، وأحد مشاريع اتحاد المجامع اللغوية والعلمية في جمهورية مصر العربية الذي يمثل طيفاً واسعاً من المجامع والمعاهد والمراكز اللغوية على مستوى الوطن العربي، وأن الاستثمار في طاقات الباحثين والعاملين عليه يفتح الباب على تطوّر وانتعاش معارف وعلوم العاملين في المعاجم العربية، خاصة أن الدورات تتناول قضايا متخصصة في هذا الميدان وتدفع نحو مزيد من الاهتمام والعمل على توثيق ودراسة اللغة العربية». من جانبه تطرق الأمين العام لمجمع اللغة العربية الدكتور أمحمد صافي المستغانمي للحديث حول المنهج الذي تتبعه الدورة، بقوله: «يؤرخ المعجم التاريخي للغة العربية لأكثر من 11300 جذر لغوي تتوزّع على 17 قرناً من الزمن منذ ما قبل الجاهلية مروراً بالشعر الجاهلي والعصر الإسلامي والعباسي وصولاً إلى العصر الحديث، فلغتنا العربية واسعة وألفاظها كثيرة، وهذا المشروع طموح، وبإنجازه يكون العرب قد قطعوا شوطاً كبيراً في المحافظة على اللسان العربي». وتابع الأمين العام لمجمع اللغة العربية:«تركّز الدورة على المنهج المعتمد من قبل اتحاد المجامع والخطوات العلمية والحاسوبية للتعامل مع المنصة الرقمية الخاصة بمشروع (المعجم التاريخي للغة العربية)، وهو ما يعد خطوة جديدة وكبيرة في مسيرة عمل المشروع، إذ لا يمثل المعجم منجزاً معرفياً في مجلدات ومنصات إلكترونية وحسب، وإنما يعد عملاً متكاملاً للنهوض بطاقات ومهارات العاملين في المعاجم». من جانبه أكد الدكتور مأمون عبد الحليم وجيه، المدير العلمي للمشروع أن «الدورات تسهم في إعداد الكوادر ليكونوا قادرين على جمع الجذور اللغوية وتصنيفها وإنشاء قواعد بيانات خاصة تسمح لهم بتضمينها للمشروع، وقد انتهينا من إعداد المنهج الخاص الذي يعد خطّة طريق للعاملين في جميع المجامع بهدف إعداد هذا المعجم، والآن نقوم بتدريب الكوادر التي ستقوم بجمع المادة وإنجاز هذا المعجم خلال فترة قصيرة والتي نتوقع لها أن تكون سنوات قليلة، بعدها سوف يظهر هذا المعجم إلى النور ويقدم لجميع الباحثين كنوزاً عربية خالصة تسرد تاريخاً كبيراً للغتنا العربية». يشار إلى أن مجمع اللغة العربية في الشارقة، مؤسسة حكومية أكاديمية، تُعنى بقضايا اللغة العربية ودعم المجامع اللغوية العلمية في العالَمَينِ العربي والإسلامي، وهي همزة وصل للحوار الثقافي والبحث اللغوي والمعجمي بين الباحثين في شتى دول العالم. ويعمل المجمع على رعاية الأعمال البحثيّة والمشاريع العلميّة المتعلّقة باللّغة العربيّة، ورعاية برامج تسهيل تعلّم اللغة العربية، وتحفيز النّشء على التعامل بها، والإبداع في فنونها وأجناسها الأدبية، والإشراف والتخطيط والرّعاية المادّيّة لإنجاز المعجم التاريخي للغة العربيّة. كما يتولى المجمع مهام النّهضة بالجانب المصطلحي وتهذيبه، والإشراف على إصدار قواميس ومعاجم لغوية عصريّة تلبّي احتياجات المتحدّث باللّغة الفصيحة والكاتب بها في العصر الحديث، ومدّ جسور التّعاون، وتنسيق الجهود مع المجامع اللّغوية العلميّة في عالمينا العربي والإسلامي للوصول إلى مخرجات معرفيّة هادفة وواعدة، إضافة إلى التّواصل مع رجالات الفكر واللغة والثّقافة والآداب والعلوم الإنسانيّة في شتّى دول العالم.