ما فتئ شجن فوزي محسون يتهادى على مسامع الذائقة الاستثنائية لأجيال ممتدة لم تسقطه لحظة من قائمة ركائز الفن السعودي وخاصته، ليس لأنه يراقص اللحن على مقامات الحب ويعزفه على وتر الرومانسية فحسب، بل لأنه أفاض بقيمة لحنه الرفيع على حناجر العمالقة وأقلام المبدعين، دون محسوبيات أو ماديات تخدش كبرياء فنه وأصالة أغنياته. محسون الذي توارى اسمه خلف وهج أعماله الخالدة التي غناها كبار المغنين العرب، لم تكف سيرته عن دق نواقيس الإعجاب في ذاكرة الناس وقلوبهم، كان يراه الراحل طلال مداح قاعدة انطلاق له وجناحا يحلق به في سماء الغناء الرومانسي، فيما وصفته الشاعرة ثريا قابل بأنه مقام فني مستقل وحالة فريدة كانت تتفجر شجنا وإبداعا، ما جعله وهذا الثنائي مثلثا متطابق الأحاسيس ومتماثل العظمة. قضى «سيد الشجن» كما يعرفه محبوه قبل ثلاثة عقود بعد مسيرة حافلة، كان خلالها محركا لبوصلة الغناء راصدا بمؤشراته الدقيقة اتجاهات الرقي، في وقت لم يسلم وشريكاه طلال مداح وثريا قابل من عراقيل الخصوصية والتشدد والإمكانات، فأوغلوا بإبداعهم طعنا في خاصرة الجمود وامتطوا ركب السامقين في ساحة فنية زخرت بوجود كوكب الشرق، وعبدالوهاب، ورامي، وقباني، وغيرهم، وكانت أعمالهم الجماعية ولا تزال الأكثر رسوخا في الذاكرة بعد أن جمعهم «عهد الهوى» «من بعد مزح ولعب» وانتهاء ب«يا حياتي يا عيون». ساهم فوزي محسون في تأصيل النقاء في الفن السعودي، لم يخطفه بريق الشهرة أو تغريه سلطة ومحبة الناس، آثر أن يكون طلاليا ونأى بنفسه عن الاحتكار، فقدم لفنان العرب محمد عبده أعمالا مميزة، ولآخرين.