يشكِّل العمل الوظيفي، استقرارًا مهنيًا؛ وأمانًا حياتيًا؛ فمن خلاله، يبني موظفو الدولة المدنيون، من القطاعين الحكومي والأهلي، حياتهم وأسرهم، يتفانى هؤلاء العاملون إخلاصًا لمؤسساتهم، وإتقانًا لتنفيذ المهام المنوطة بهم على أكمل وجه، مُتَحلين بالأمانة، والمسؤولية، وأخلاقيات العمل. تهتم بعض الجهات بأعمال موظفيها ورعايتهم وحمايتهم والحرص على تطوير أدائهم، لتحقيق المعادلة الوظيفية كاملة العناصر والأطراف؛ وصولًا لتحقيق البيئة المثلى للعمل ومخرجاتها من الموظفين والموظفات المتميزين والأكفاء. يتطلب ذلك بعض المهام من المسؤولين وقيادات الإدارة التنفيذين، الذين يؤدون عملهم لإيجاد بيئة عمل ملائمة ومناسبة، ومستدامة لتقويم الأداء، وتحقيق الإنجازات، ومضاعفة الإنتاج من خلال العناية بإبراز المواهب والقدرات؛ ما يجعلهم يضحون بالغالي والنفيس من أجل منظماتهم. هناك أيضًا، ألقاب كبيرة من التميُّز والنبوغ، والإبداع، قد تُمنح مجانًا بلا معايير واضحة بل بالواسطة والمحسوبية والمحاباة والعلاقات الشخصية! وبدلاً من أن يكون هذا المسؤول، اللا مسؤول - مُلهمًا لموظفيه؛ لإنجاز جميع الأعمال والمهام المنوطة بهم وتنفيذها بصورة منضبطة ومحكومة بأهداف وقيم المنظمة، ويضع لها سياسات وإجراءات واضحة تحدد ضوابطها وترشِّد مسارها، لتحقيق العدالة فيما بينهم؛ نراه يحوِّل بيئة عمله إلى بيئة طاردة تسودها أجواء غير طبيعية، خيانةً لأمانة المسؤولية المنوطة بهم، ليسطوا على أفكار مرؤوسيهم ومبادرات المبدعين منهم، ليتسلَّقوا على أكتاف هؤلاء المجتهدين، الذين سهروا الليالي وقدحوا زناد التفكير، أملاً في ترقية جيدة؛ أو رغبةً في ابتكار متميز لمشروع أو مبادرة غير مطروقة؛ أو تنفيذ خطة عمل مبتكرة حصريًا لإدارته.. ويأبى سارقو أفكار غيرهم، ومشاريع ومبادرات مَنْ يلونهم في المسؤولية والعمل إلا نزع أحلامهم؛ ويتركونهم للشعور الشديد بالظلم، وكافة أشكال القهر والاضطهاد، بل وأسرى الأمراض التي تنهش أنفسهم قبل أجسامهم؛ لينهوا بتصرفهم على أحلامهم تمامًا في رؤية غدٍ مشرق وواعد. وما درى هؤلاء المسؤولون أن مَنْ يستحلَّ الفكرة/ المشروع/ المبادرة ويسطو عليها، وينسبها لنفسه ويغمط صاحب الحق فيها ويجحد جهوده؛ يسرق المال العام دون غضاضة. ويحق لنا أن نتساءل ما علاقة أمانة المسؤولية المنوطة بالسطو على أفكار مرؤوسيهم؟ وكيف يتجرأون ويدَّعون أنهم أصحاب هذه الأفكار التي لا يملكون فيها حقًا ولا صياغة ولا حتى خيالاً؟! ومَنْ يحمي هؤلاء المستهترين؟ وكيف اطمأنت أنفس هؤلاء الأدعياء، وتجرَّأوا زورًا و كذبًا وبهتانًا لتحدي أنظمة العمل ولوائحه فيما يخص الملكية الفكرية لأصحاب الحق الأصيل؟ وهل يحق لمن استؤمن أمانة هذا العمل، وحاز الثقة أن يخرج أمام الجميع ليستحقر مرؤوسيه، ويسطو على أدنى حق من حقوقهم، وهو حرية التعبير والإبداع دونما رادع ودون مساءلة؟! وأقول: كفى لسارقي الحقوق عقابًا شعورهم النفسي بالخزي الذي يلاحقهم أبد الدهر، ومن هنا أدعو أصحاب القرار، نحو سن إجراءات تساهم في ردع مثل هؤلاء المتاجرين بحقوق غيرهم.