أكد الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي إمام وخطيب المسجد النبوي في خطبة الجمعة اليوم أن النجاح في الحياة مطلب لكل إنسان، والسعادة مقصده ومراده، وإليهما تسعى النفوس وتميل القلوب، «وقد رسم لنا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثية النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة، بحديث غزير الفوائد، عظيم المنافع بقوله (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)». وقال الثبيتي: احرص على ما ينفعك فالحياة قصيرة، والشباب يعقبه الهرم، والصحة يهددها المرض، قال ابن مسعود رضي الله عنه (ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي)، وقال تعالى (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّىٰ لَهُ الذِّكْرَىٰ * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي). وأضاف: المسلم الواعي الذي يحرص على ما ينفعه يبدأ بنفسه، ويصلح ذاته، وكل ما لا يعنيه لن يغنيه، قال صلى الله عليه وسلم «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه»، ومن ترك ما لا يعني وانشغل بما يعني، حسن إسلامه، وتفرغ لأولوياته، وارتقى بأعماله، وصفى نفسه وأخلاقه ولسانه، بل يكون على نفسه رقيباً ولسلوكه حارساً، يتعامل مع نفسه بصدق وإنصاف. وذكر أنه مهما كان الإنسان حريصاً على ما ينفعه فإنه لن يتحقق له هدف ولا مقصد إلا إذا أعانه الله ووفقه وسدده (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، فهو سبحانه المستعان الذي يلجأ إليه كل الخلائق اختياراً واضطراراً، فالكل يستعين به في الشدة والرخاء والسراء والضراء، وكل إنسان في حاجة دائمة إلى عون الله في كل أحواله وفي كل أمور دينه ودنياه. وفي الخطبة الثانية قال: لا تعجز؛ لأن العاجز قيد نفسه بمعاني الخمول، ووثق خطواته بأوهام الكسل، وسلَّم فكره للتغني بالأماني، العجز يفتح عمل الشيطان، ومفتاح كل شر بقوله لو كان كذا وكذا، ولو فعلت كذا، ويصدر عنه الهم والحزن، والجبن، والبخل، وضلع الدين، وغلبة الرجال، ولذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال). واختتم الخطبة قائلاً: هذا حديث عظيم جمع بإيجاز كل خطوات النجاح، فمن حرص على الأمور النافعة واجتهد فيها وسلك أسبابها، واستعان بربه في حصولها وتكميلها كان ذلك كماله وتوفيقه، ومتى فاته واحدٌ من هذه الأمور الثلاثة، فاته من الخير بحسبها (احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).