لعل من أهم الأمور اللافتة للانتباه في معرض جدة الدولي للكتاب، الذي اختتم أخيراً هو الاختيار المناسب للتوقيت، إذ صادف إجازة الربيع، ما أعطى الفرصة للكثير من الأسر لحضور المعرض والاستمتاع بأجواء جدة الدافئة في نفس الوقت، وهذا ما ساهم في زيادة عدد الزوار، حيث قارب عددهم نصف مليون زائر، وهو الأمر اللافت الثاني والذي يشير إلى انتشار ثقافة القراءة في المجتمع، ومحافظة الكتاب الورقي على قيمته ومكانته رغم الثورة الرقمية، والأمر الأخير والذي شد انتباهي شخصياً هو السماح للمبادرات الشبابية المشجعة للقراءة، وبالذات مبادرة «ساندوتش ورقي»، وهي المبادرة التي بدأت منذ ما يقارب الأربع سنوات، على يد أنس اللهبي وفريق عمله؛ وتتلخص في بودكاست «بث صوتي» يناقش الكتب الإنجليزية التي لم تترجم، أو التي ترجمت ولم تأخذ حقها من الانتشار، ويطرح أهم ما تحتويه من معلومات بأسلوب تفاعلي جذاب لا يكاد المستمع ينتهي منه، إلا وهو في شوق شديد لاقتناء الكتاب وقراءته، ما يساهم في نشر ثقافة القراءة وزيادة المعرفة، وتتميز هذه المبادرة عن غيرها بجودة المحتوى وتنوعه، والزمن المناسب المقدر لكل محتوى والأسلوب التفاعلي في الإلقاء، ما يجمع بين المتعة والفائدة فلا هي بالمملة طولاً كحال الكثير من الكتب الصوتية المنتشرة في الإنترنت، ولا هي بالمختصرات المخلة بالمحتوى، كحال العديد من ملخصات الكتب سواء المقروءة أو المسموعة، كما أن القائمين على هذه المبادرة لديهم من العزيمة وقوة الإرادة ما جعلهم يتجاوزون الصعاب بمجهوداتهم الشخصية، لتحقيق النجاح، ولديهم من سمو الأهداف ما جعلهم يتجاوزون جلب المعرفة الأجنبية وترجمتها للعربية، إلى ترجمة الإبداع العربي للغات الأجنبية، ونشره كما أتاحوا الفرصة للمواهب الواعدة للمشاركة في صناعة المحتوى والإلقاء وتشجيعهم على ذلك. أخيراً نقول للقائمين على هذه المبادرة وغيرها من المبادرات الشبابية المثمرة، جهودكم مذكورة ومشكورة واستمروا في تحقيق أهدافكم واجعلوا الفائدة التي يجنيها المجتمع من إبداعكم، وقوداً يدفعكم لتجاوز كل الصعوبات والمعوقات التي تواجهونها.