لن ينسى عشّاق المنتخب السعودي ذلك العام 1988م، الذي شهد تأكيد الصقور أحقيتهم بلقبٍ هو الأعظم على مستوى القارة الأكبر (كأس أمم آسيا)، وذلك بتحقيقه للمرة الثانية على التوالي. هذا الإنجاز حمل كسابقه قصصاً وحكاياتاً، ونوادر أحياناً، أبطالها أولئك الذين شاركوا في تحقيقه، لاعبين وفنيين وإداريين، ربما يبرز منها تلك الحالة التي انتابت مدرب المنتخب الوطني البرازيلي كارلوس ألبرتو بيريرا، عندما استعان بالقلم لمهمةٍ غير الكتابة، كانت لتحريك كمية الأفكار المتزاحمة داخل رأسه، وذلك بمداعبة ذاك القلم لشعر رأسه، لبضع ثوانٍ، فجاءت الفكرة الغائبة، بحضور اسم (فهد الهريفي)، ودون تردد سحب القلم، وكتب اسم (الموسيقار الهريفي) ضمن قائمته النهائية لبطولة كأس آسيا 1988م، المقرر انطلاقها في الثاني من شهر ديسمبر التالي. وبثقة الخبير قرر المدرب كارلوس ألبرتو، تحمل مسؤولية اختيار لاعب خضع قبل بضعة أيام لاستئصال الزائدة الدودية بالمشرط الجراحي، مخلفة 9 غرزات في الجزء السفلي من بطنه، منعته عن المشاركة مواجهتي المنتخب الوطني الإعداديتين لنهائيات آسيا، أمام إنجلترا على ملعب الملك فهد الدولي، ومواجهة تونس في المنطقة الشرقية، بوصفها ختام مرحلة تحضير الصقور الخضر للبطولة الأهم على مستوى القارة، وقبل 10 أيام من انطلاقها. راهن المدرب البرازيلي على المخزون اللياقي العالي لدى الهريفي البالغ حينها 23 عامًا، ودفع به كلاعب أساسي في البطولة القارية منذ المواجهة الأولى أمام سورية، حتى بلوغ المباراة النهائية، بعد الهدف الذي أحرزه الهريفي نفسه؛ خلال نصف النهائي، في شباك أفضل حارس في البطولة، الصيني زهانغ هويكانغ. وقاد التعادل بلا أهداف، طرفي نهائي آسيا 1988، منتخبا السعودية وكوريا الجنوبية إلى الاحتكام لضربات الترجيح، فعاد كارلوس ألبرتو لكتابة اسم رهانه في تلك البطولة، فهد الهريفي، لتنفيذ ضربة الترجيح الخامسة. لم يسدد الهريفي قبل تلك اللحظة أي ضربة من نقطة الجزاء.. وظل في موقعه بالقرب من دائرة منتصف الملعب يحدث نفسه عن ثقته بنفسه في التسجيل حال أخفق اللاعب الكوري الجنوبي الذي يسبقه في مهمته.. تملكته الظنون أنه سيفشل في هز الشباك؛ إن أفلح منافسه الكوري الجنوبي. وحين حانت لحظة تسديد ركلته، انطلق الهريفي يسعى من دائرة المنتصف إلى موقع تسديدة الركلة الترجيحية، يملأه التفاؤل بعد إهدار الكوري الجنوبي تشو يون-هوان لضربة منتخب بلاده الخامسة. يقول الموسيقار في حديثٍ لموقع الاتحاد السعودي لكرة القدم عن تلك اللحظة: «كنت أسمع أصوات زملائي يطالبوني بالهدوء، تهادى إلى مسمعي صوت ماجد عبد الله وصالح النعيمة والبقية، لكني كنت واثقًا أني سأسجل الركلة الحاسمة». وفي اللحظة التي وضع خلالها الهريفي الكرة في نقطة الجزاء، كان الحارس تشو بيونغ-دوك يتوسل حظه بوجه مستدير باتجاه الشباك وبيدين مقبوضتين مع شفتين متحركتين، لكن ذلك لم ينجيه حين استدارته لمواجهة المسدد السعودي، من الضربة التي قضت على أحلامه، ومنحت الأخضر لقب البطولة للمرة الثاني على التوالي.