حب الأم لا يضاهيه حب على وجه الأرض، علمتني التسامح وطول البال والقبول بالآخر، وهي الجنة، وأكبر باب مخلص للدعاء للإنسان. أحبت أمي بلادها بعواطف جياشه وجادة، بل علمتنا قبل وجود اليوم الوطني أن الوطن هو بيتنا الذي نذود عنه، وكلمتها المشهورة نحن السعوديون، كانت تحمل حبا حقيقيا لبلادها وأرضعتنا إياه، ربتنا بحب، لم تضرب أحد أبدا، لا تؤمن بالضرب كأسلوب تربية. تذكرني بأجمل الجميلات، إذا ضحكت ابتسمت لي الدنيا وغردت كل العصافير وأزهرت الأشجار وأصبح الوجود جميلا، إنها أمي. وعلمتني أن احترم الفقير وذوي الحاجة، وبختني لأني قلت لها أن هنالك «شخصا ذا حاجة بالباب» مستعملا كلمة عامية، قالت لي نحن ذوي الحاجة، افعل له كذا وكذا، ومن يومها عرفت أخلاق سيدة فاضلة عارفة صابرة مؤمنة بربها. اسمها زبيدة وهو أعذب اسم على وجه الأرض لي، أحببته وإذا سمعته طربت، وكأنه خلق لها هذا الاسم وخلقت له، جعلت لاسمها معان جميلة كأنه أغنية بلحن فريد، جعلت لمعنى الطيبة معاني جديدة وعميقة، كانت طيبة وتبث طيبة في كل الأوقات. أينما حلت، لم أسمعها قط تنطق أي كلمة خارج حدود الأخلاق الرفيعة ولم أسمع منها سوى عذب الكلام مطعما بذكر الله. عانت كثيرا من المرض وصبرت، حمدت الله وشكرته كنت أسعدها من صغري أن أقول لها عسى الله أن يزوجني بمن يشبهك في كل شيء وتبتسم، الآن فهمت ما قصده الأمير خالد الفيصل عندما قال «والله ما حطك بالقبر لكن امنت باللي جعل دفن المسلمين مسنون» إنا لله وإنا اليه راجعون، وداعا أمي وألقاك إن شاء الله في جنان الفردوس يا من كنت أجمل الوجود. mmabudawood.com@