ترك رحيل الإعلامي والمحلل الرياضي خالد قاضي الذي عرفته الجماهير الكروية من خلال «توقعاته الصائبة للنتائج»، حالة من الحزن والألم في بلاط صاحبة الجلالة، والساحرة المستديرة التي منحته شهرة واسعة امتدت لأكثر من 4 عقود. «أبو عنان» الذي نعاه الأهلاويون والأندية السعودية، محلل وصحفي رياضي ذائع الصيت، كان مدرسة جامعة من العلم وأخلاقيات حسن التعامل مع الأشخاص، لم يشغله عمله عن الاهتمام بأعمال الخير التي طرقها مبكرا. «عكاظ» قلبت في صفحات حياة الراحل التي حفلت بالعديد من المفارقات الجميلة، ومنها تحامله على المرض لمساندة «الصقور الخضر» خلال مشاركتهم في النسخة ال21 من مونديال كأس العالم لكرة القدم في روسيا، إذ كان موجودا ضمن الوفد الإعلامي المرافق للمنتخب السعودي، وأصر على حضور مباراة الافتتاح على ملعب لوجينكي في موسكو، رغم إصابته بانخفاض السكر، لكن «فزعة» الموجودين على متن الحافلة التي كانت تقل الوفد، ومن بينهم جمال عارف، ودباس الدوسري، أنقذته، حينما قدما له قطعا من الحلوى، وطلبا منه العودة إلى الفندق للراحة لكنه رفض قائلا «لا بد أن نساند المنتخب وما حضرنا إلى هنا إلا لدعمه». وقبل انطلاق المباراة الثانية بمدينة روستوف التي تبعد عن العاصمة موسكو 1200 كم، بدا عليه الحزن بسبب خسارة المنتخب الوطني أمام روسيا، وإصابته بالارهاق الشديد، فاقترح عدد من الزملاء على منسق العلاقات العامة محمد النعيمة الذي كان ينهي إجراءات السفر عدم السماح للقاضي بالذهاب معهم، خوفا على صحته وانخفاض السكر لديه. بداية مسيرته كانت انطلاقة قاضي في المجال الإعلامي حافلة بالمفارقة، بدأت بحوار صحفي مع لاعب الاتحاد آنذاك الكابتن حامد صبحي، حينما كان مقر النادي في البغدادية، على الرغم من أهلاويته إلا أنها لم تمنعه من القيام بواجبه، فتواجد في النادي، ولم يحضر المصور، ونجح في إجراء الحوار وطلب من صبحي الذهاب معه إلى أحد الاستوديوهات لتوثيق الحوار بالصور، حتى سلمها إلى القسم الرياضي وتم نشره في ذلك الوقت. علاقته ب«الملكي» لم تكن علاقة الفقيد بالنادي الأهلي عادية أو عابرة، بل امتدت سنوات طويلة، منذ أن كان مقره في حي الكندرة؛ إذ كان يسكن وقتذاك في الحارة نفسها، عشقه وشغفه دفعه للتواجد معهم في مدرجات الملعب لمشاهدة المباريات عن قرب. وبمشاعر الألم والحزن، عبر رئيس الاتحاد السعودي السابق أحمد عيد، عن حزنه لرحيل قاضي، سائلا المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهم أهله الصبر والسلوان. وأشار إلى أن الفقيد لم يكن صحفياً فقط، وإنما كان أخاً وصديقاً وإعلامياً غيورا على وطنه، ولا شك أن وفاته تعد فاجعة. واستدرك عيد أنه عرف الراحل منذ سنوات طويلة من خلال العمل الصحفي، وتواجده المستمر في المناسبات الرياضية، وكذلك في النادي الأهلي، مؤكدا أنه كان يتسم بنقاء القلب وتعامله بأدب جم مع الجميع. فيما أشار الإعلامي عادل عصام الدين إلى أن قاضي كان إعلاميا مختلفا بفكره ورؤيته وأخلاقه، قضى في مشواره الإعلامي 30 عاما لم يجرح أحدا، بل كان مبتسما دائما، يداعب كل الزملاء والرياضيين، مبينا أنه شارك في الكثير من المناسبات والفعاليات الإعلامية. ولفت عصام الدين إلى أنه زار الفقيد في المستشفى للاطمئنان عليه، واستمر على تواصل معه بعد العارض الصحي الذي ألم به، وكان الجميع متفائلا بخروجه سالما معافى، إلا أن قضاء الله كان أسرع. من جانبه، قال غازي صدقة: «كنا نحرص كإعلاميين على وجود قاضي معنا في المناسبات الرياضية، لا سيما خارج جدة أو المملكة». وأضاف: «عندما كنا في فرنسا 1998 لمؤازرة المنتخب السعودي في كأس العالم، نجتمع دائما على الإفطار وكان أول الحاضرين ويداعبهم بأنهم يذكرونه بأهل مكة؛ كون الجلسة يتم إعدادها على طريقة أهلها حيث الجلسات الأرضية». وكان عدد من الأمراء، قدموا العزاء لأسرة الفقيد، منهم الأمير خالد بن عبدالله، والأمير نواف بن محمد، والأمير تركي بن عبدالله الفيصل، ونائب أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير عبدالله بن بندر. فيما واسى الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز، ذوي الفقيد في اتصال هاتفي أجراه بوالده، أعرب خلاله عن خالص العزاء وصادق المواساة في وفاة الفقيد، داعيا الله أن يتغمده بواسع رحمته، مثمناً الجهد الذي قام به -رحمه الله- في مشواره الإعلامي لخدمة الرياضة السعودية.