الإنسان يتأثر بالبيئة التي تحيط به ويمتد أثر البيئة على كل شيء في حياة الإنسان من مأكل ومشرب ومسكن وملبس؛ ففي المناطق الحارة نجد الإنسان يلبس الخفيف والقليل من الملابس، وفِي المناطق الصحراوية يسعى الإنسان لحماية وجهه من رمال الصحراء المتحركة باستخدام الملابس كنوع من الحماية يقيه من حرارة الشمس، ولا يمكن للإنسان إلا أن يتكيف مع البيئة المحيطة به حتى لا يدفع ثمناً قاسياً نتيجة إغفاله أثر الطبيعة الجغرافية البيئية التي تحيط به، فَلَو سكن في الوادي مثلا يكون عرضة للسيول والأمطار التي ستتسبب كنتيجة طبيعية في دمار مسكنه بل وتهديد حياته وبقائه. وتأثير البيئة يمتد إلى شكل الإنسان ولونه وثقافته وكثير من معارفه وعلومه ويظهر هذا الأثر جلياً من نظرة واحدة لخريطة الكرة الأرضية فنرى كيف تؤثر البيئة وعناصرها من جغرافيا ورياح وطبيعة على لون الإنسان وشكله وحياته. ويرى علماء النفس والاجتماع أن للبيئة أثرا على شخصية الإنسان وعاداته وتصرفاته وما إلى ذلك؛ فالإنسان الذي يولد في مناطق جبلية مثلا تتأثر طبيعته وشخصيته بهذه الطبيعة القاسية ويختلف في طبيعته عمن يسكن في السهول والمناطق الزراعية والحضرية. ولا شك أن البيئة ليست العامل الوحيد الذي يؤثر في الإنسان بل إن هناك عوامل أخرى وراثية وأخلاقية وغير ذلك تؤثر في الإنسان وشخصيته. البيئة تؤثر في الإنسان من يوم مولده وحتى مماته، ولهذا تختلف العادات والتقاليد المكتسبة والمتوراثة من منطقة إلى أخرى أو من بلد إلى آخر؛ وعلى سبيل المثال في حال توفي شخص على ظهر قارب فإن الحاجة تستوجب أن يكون الدفن في الماء. كل الحضارات في العالم نشأت في المناطق الزراعية حيث الماء والغذاء مما يدل على أثر البيئة على الإنسان، والذي يمتد حتى إلى الغناء والموسيقى. في وادي الرافدين، كانت للمرأة أهمية اجتماعية ودينية عالية فقد ارتبط سر المرأة بسر الطبيعة والبيئة في الحضارات القديمة ذات البيئة الزراعية. الظروف المحيطة بكل إنسان تؤثر على سلوكه وأفعاله. هذا التنوع الذي يتمثل في البيئة ينعكس على الإنسان بكافة نواحي حياته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والحضارية والتقاليد والأنظمة وقوانينها وعرفها العام؛ فالبيئة تكون عاملاً في تشكيل ميول الإنسان وجسمه ولونه وخلقه وعقله تشكيلاً خاصاً يلائم طبيعة البيئة التي نشأ فيها. هذا التنوع هو عبارة عن الألوان التي تثري حياة الإنسان وتزيدها جمالاً. فمن الضروري أن نعلم أبناءنا احترام هذه الاختلافات التي قد لا يكون لنا يد فيها، وأن نتعلم منها ما يفيدنا وأن نتقبلها، فالرفض والهروب من كل ما هو غير مألوف لن يحقق لنا أي حماية لخصوصية يدعي بها البعض. * مستشار قانوني osamayamani@ [email protected]