يتوافد إلى هذه البلاد المباركة في هذه الأيام الفاضلة أعداد كبيرة من حجاج بيت الله الحرام قاصدين إكمال ركنهم الخامس من أركان الإسلام، وقد خص الله سبحانه الحج بزمان معين ومكان محدد وأقام مواقيت مكانية ليحرم عندها من قصد البيت حاجاً أو معتمراً. ويتوقف الحجاج والمعتمرون المغادرون من المدينةالمنورة إلى مكةالمكرمة في هذه الأيام المباركة لأداء مناسكهم بميقات أهل المدينةالمنورة، وهو ميقات ذو الحليفة، وهو أحد المواقيت التي حددها الرسول عليه الصلاة والسلام لأهل المدينة والمُحْرِمين من غير أهلها المارين بها، ويُعد أبعد المواقيت عن مكةالمكرمة، ويبعد عن المسجد النبوي قرابة 14 كيلومتراً. ويعرف مسجد ميقات ذي الحليفة بعدة أسماء، فهو مسجد الإحرام أو الميقات لأن أهل المدينة الذين يمرون عليه من غير أهلها يحرمون منه للحج، كما يعرف بمسجد «آبار علي» وسُمّي بهذا الاسم لأن الخليفة الراشد علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قام بحفر آبار عندما أقام في ذي الحليفة في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، كما يعرف باسم مسجد الشجرة ومسجد المعرس، ويقع هذا المسجد ضمن امتداد وادي العقيق وهو واد مبارك كما أطلق عليه النبي هذا اللقب وقد أصبح موقعاً للإحرام لمن يريد الحج أو العمرة. ويقع المسجد على الجانب الغربي من وادي العقيق ويبعد عن المسجد النبوي الشريف قرابة 14 كيلومترا، وبني المسجد في عهد عمر بن عبدالعزيز عندما كان والي إمارة المدينة (87 - 93ه)، وجدد في العصر العباسي ثم جدد في العصر العثماني في عهد السلطان محمد الرابع (1058 - 1099ه)، وكان صغيراً جداً مبنياً من اللبن والحجارة ولم يكن الحجاج والمعتمرون في المواسم يجدون راحتهم فيه فأمر الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بتجديده وتوسعته. ونظراً للمكانة التاريخية التي يحتلها مسجد الميقات، يشهده أعداد كبيرة من المحرمين للحج والعمرة، ومن هذا المنطلق أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- بتوسعة المسجد، فنزعت ملكية الأراضي المجاورة لتنفيذ مشروع التوسعة وتجميل المنطقة المحيطة مع تزويد مواقف السيارات والخدمات كافة، وتزويده بالمرافق اللازمة، فأضحى المسجد محطة متكاملة للمسافرين. وعن تلك التوسعة فقد بُني على شكل مربع مساحته ستة آلاف متر مربع، ويتكون من مجموعتين من الأروقة تفصل بينهما ساحة واسعة مساحتها 1000 متر مربع، وله أقواس تنتهي بقباب طويلة يبلغ ارتفاعها على الأرض 16 متراً، ويتسع المسجد لخمسة آلاف مصل على الأقل، وللمسجد مئذنة مميزة على شكل سلم حلزوني ارتفاعها 62 متراً. ويتصل بالمسجد مباني الإحرام والوضوء، كما بني من جهته الشرقية سوق لتأمين حاجات الحجاج، وأنشئت في الجهة الغربية منه مواقف سيارات وحديقة نخل واسعة ويشهد الآن المسجد منظر جمالي يليق بسكانها وقاصديه.