يفتتح معهد مسك للفنون يوم غدٍ (الخميس) جناح المملكة العربية السعودية بمعرض بينالي البندقية في إيطاليا، الذي يُعد من أعرق المعارض الأوروبية للفنون المعاصرة، نظراً لما يشمله من تنوع لافت في أعمال التصميم والنحت والتشكيل والعمارة. وتعد هذه أول مشاركة للمملكة في هذه التظاهرة العالمية التي يشارك فيها أكثر من ستين دولة. وانطلاقاً من الموضوع الرئيسي ل«بينالي البندقية للعمارة 2018»، وهو «المساحة الحرة»، يُشارك الجناح السعودي بمعرض لمدة أربعة أشهر معتمداً مفهوم «الفضاءات البينية»، لاستعراض الطرق الحديثة في أدوات التصميم لتوظيف «المساحة الحرة» كما هو الحال في المدن الكبرى في الرياض مثلاً، خصوصاً في أعوام السبعينات والثمانينات الميلادية. ويتتبع المعهد بهذا المفهوم «العمارة السلمانية» التي انتهجت المحافظة على الموروث الثقافي للمكان مستجيبة في الوقت ذاته لأطوار التحديث في العمران وباشتراطات الهويّة والإرث. ويعرض الجناح السعودي الأعمال الفنية الفائزة بمسابقة خاصة تقدّم إليها أكثر من سبعين مشاركاً، وأشرفت عليها لجنة تحكيم ضمت لعضويتها القيّمتَيْن على الجناح وهما الدكتورة سمية السليمان و جواهر السديري، وهي المشاركة الأولى لامرأتين سعوديتين في مناسبة مماثلة، وتعود الأعمال الفائزة للمهندسَيْن المعماريَيْن عبد الرحمن قزاز وتركي قزاز. وسيعقد معهد مسك للفنون برنامجا تدريبيا للشباب السعودي في مجال الفنون البصرية والمعمارية خلال فترة المعرض، على أن يتم ترشيح شباب وفتيات من السعودية بشكل دوري للالتحاق بهذا البرنامج، ومن ثم تمثيل الجناح في هذا الحدث الدولي. وكان قد سبق هذه المرحلة النهائية الإعدادات التمهيدية للمشاركة بدايةً باجتماع فريق المعهد مع المهندسين المعماريين وفريق الإنتاج الدولي في «أرسنال البندقية»، ووضع أسس تعاون مع جامعتي «المعهد العالي للتصميم والعمارة في البندقية» و«كافوسكاري» لإعداد البرنامج التدريبي للمرشحين والمرشحات من المملكة، إضافة إلى الأعمال الأخرى المتعلقة بتجهيز الجناح. واختارت لجنة المعرض موقعاً مميزاً للمشاركة السعودية، يعكس مكانة المملكة إقليمياً ودولياً، وذلك في «أرسنال البندقية»، وهو المبنى الأبرز داخل منطقة بينالي، الذي كان يُعد مجمعاً لأحواض بناء السفن القديمة في مدينة البندقية. وسيجاور الجناح السعودي أجنحة الأرجنتين والإمارات العربية المتحدة والمكسيك. وأوضح المدير التنفيذي لمعهد مسك للفنون أحمد ماطر أن هذه التظاهرة الفريدة تعد ثمرةَ تعاونٍ مشترك بين المعهد والمؤسسات الثقافية الدولية؛ مشيرا إلى أن هذا التعاون الذي توصل إليه المعهد أخيراً، رغم حداثة نشأته، مع مؤسسة عالمية كبينالي البندقية وعمرها الممتد لأكثر من 120 عاماً، تعاون مهم ودليل على أهمية الدور الذي تقوم به المملكة في المشهد الثقافي العالمي، ويتجلى ذلك عبر نوعية الأعمال المشاركة من الفنانين السعوديين، سواء القيّمتين على الجناح أو المهندسين المشاركين، وما ينقلونه من إبداعات تُواكب الحركة الفنية العالمية المعاصرة في العمارة وغيرها. وبين أنّ نماذج التصاميم المعمارية المختارة للجناح السعودي تسعى لإظهار الحلول المناسبة لمعالجة تلك المساحات التي أدت في فترة من فترات التطور الحضري توسّع الضواحي السكنية المحيطة بالمدن، وما تبعه من تقدم في المراكز الحضرية بهجرة الريف وظهور مناطق سكنية كبيرة في جوانب المدن الكبرى، فوجدت أحياء معزولة وغير مترابطة. وأفاد أن المعهد يقدم من خلال هذا المعرض الدولي قراءة نموذجية للسياسات المتعلقة بنمط الحياة وأماكن العيش ضمن الخطط الاقتصادية الوطنية. ويؤكد دور التصميم كعامل أساسي في صياغة نمط الحياة الاجتماعية وإعادة بناء المجتمع، وهو ما تُنجزه الرياض منذ سنوات طويلة بإعادة توظيف المساحات الخالية مستوحية تاريخها قديمة وحديثة، وباستحضار الموروث الذي أثراها والقصص التي خلّدتها. ومن المشاركين في الجناح السعودي، المهندس عبد الرحمن قزاز الذي يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية والتخطيط من «جامعة ويست إنقلاند» ببريطانيا، والمهندس تركي قزاز، الذي يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من «جامعة ماكغيل» بكندا. وقادتهما دراستهما للتعمق في الهندسة المعمارية، والتخطيط، والتاريخ، وشكلت دافعا لهما للتركيز على تطوير وتقديم إسهامات ذات أبعاد وسياقات اجتماعية واقتصادية جديدة. ويُعد معهد مسك للفنون مؤسسة ثقافية وأحد روافد مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود «مسك الخيرية»، ويهدف إلى تشجيع الإنتاج الثقافي على المستوى المحلي، وتعزيز الدبلوماسية الثقافية والتبادل المعرفي، والارتقاء بمكانته ليصبح مركزاً للابتكار الثقافي في مجال الفنون. ويتضمن برنامج المعهد إقامة معارض وفعاليات محلية ودولية، وتطوير شبكة تواصل للفنانين، وبرنامجاً لتعليم الفنون في المدارس والجامعات عبر جميع أنحاء المملكة. كما يسعى للاستثمار في تنمية مهارات الفنانين الشباب وتطوير إمكاناتهم على المدى الطويل. ويهدف المعهد من إطلاق برامجه الثقافية محلياً ودولياً إلى تحفيز المجتمع السعودي نحو حوار جديد داخله ومن ثم مع بقية المجتمعات حول العالم.